السر الخفي :
دراما قصة قصيرة إعداد وتأليف- ناصرمضحي الحربي
المشهد الأول في أحداث السر الخفي
لم تتنبه (الزوجة) إلى المدة التي أمضتها طفلتها(فرح) في اللعب مع بنات الجيران في الساحة أمام المنزل، بل وربما كانت مسرورة لذلك الغياب.
فقد غربت الشمس ، ولم تجهز الإعداد لطعام العشاء لزوجها، الذي كان يغط في نوم عميق في ذلك الوقت المتأخر. حيث انه اليوم مضطر للعودة إلى عمله كما فعل بالليلة الماضية.
ليتم وزملاؤه إعداد ميزانية الشركة. واستخراج حسابات الإرباح والخسائر. كعادتهم في مثل هذا الشهر من كل عام..
اما أبنهم فكان يشاهد برنامج الكرتون في التلفزيون ، في غرفة العائلة في ركن المنزل..
فلما فرغت (الزوجة) من تحضير الطعام أيقظت زوجها . وطلبت من ابنها إن يستدعي شقيقته (فرح) فموعد العشاء قد حان ألان خرج الابن لكنه تأخر في العودة
فتسال الزوج عن سبب غيابه هو وشقيقته. ذات السنوات الأربع..
فأجابته الزوجة بأنه خرج ليدعوها. ولابد انه عائد بعد دقيقه أو دقيقتين
ومضى نحو خمس دقائق.. وكاد (الزوج ) إن ينتهي من طعامه. ولم يحضر لا(الولد) ولا شقيقته ( فرح ) فنهض قلق إلى باب المنزل..
فوجد ابنه واقفاً.خارج المنزل فسأله عن أخته (فرح) فقال :
انه لم يراها ولا يوجد احد من الأطفال في الخارج فزاد قلق (الزوج) وألقى نظره سريعة فاحصه
عما حوله فلم يشاهد احد فاخذ ابنه معه ودخل المنزل ، واخبر زوجته بالأمر.
وماهي إلا دقائق قليله حتى كانت (الزوجة) تطرق أبواب منازل الجيران المجاورة
سائله عن ابنتها (فرح) لكن دونما فائدة ، في منزل الجيران الثالث والرابع والخامس وفي هذه اللحظات . لحق بها طفل صغير بالكاد انه يعرف الكلام وقد شعر بان هذه التي تطرق أبواب المنازل تبحث عن ابنتها فقال لها (بنتك راح..راح..سيارة !!)
وجن جنون (أم فرح) وعادت مسرعة إلى (زوجها) وهي تولول وتصرخ .وتخبره بما أفاد به طفل الجيران .
ارتداء الزوج ملابسه ثم ركب سيارته في عجالة واخذ معه زوجته وابنهم . واخذ يوسع دائرة البحث عن ابنتهم فرح قرابة الساعة والنصف.
وأخيرا قرر الذهاب إلى مركز الشرطة وإبلاغ المسئولين بالأمر . وعاد الزوج إلى الحي ومعه رجال من أفراد الشرطة . واتجهوا إلى منزل طفل الجيران . وبعد السؤال.؟
اخذوا بالتجوال في مجموعتين باحثين عن إي اثر للطفلة المفقودة (فرح) ومضى النصف الأول من الليل ولا من جديد فلأمر .
ومع بزوغ الشمس تقاطر الجيران إلى منزل (والد الطفلة) مستفسرين عما تم. وهل من جديد أو إي علم وخبر عن الطفلة (الغائبة فرح)
الطفلة فرح لازالت مفقودة والأب لا يقر له قرار . والأم تنوح مولولة على ابنتها . وتحدث نفسها .
يا ترى ماذا جرى لهاء وأين هي ألان؟
هل صدمتها سيارة وحملتها إلى المستشفى؟..
أم أنها أوت عند احد الصديقات ..وهذا احتمال بعيد ؟
ولم يسبق إن حدث ذلك كما إن أهل تلك الصديقة لا يقبلون ذلك!
أذن هل اختطفها احد؟.. هذا أيضاء احتمال بعيد..
فليس لنا أعداء ولسنا بالأغنياء حتى يسعى بعض الأشقياء إلى ابتزازنا.!؟
اجل ما معنى قول الطفل ( بنتك راح..راح..سيارة !! )
نعم انه صغير وجاهل ولكن ما ألعمل.. أين هي أين هي..؟)
ونهضت كالمجنونة لتواجه (زوجها) الذي دخل للتو عليها المنزل
صفر اليدين بوجه متعب ومرهق مما يدل بماء وراءه دون مسائله
-oo- صاحت في وجهه ((أين ذهبت هل طارت؟))
-oo- لا ادري..أجابها وأكمل: لقد طرقت أبواب منازل كل الحي. ولكن دون فائدة
المشهد الثاني من السر الخفي
في نشرة الإخبار المحلية المصورة وبعد مضي خمسة شهور من اختفاء الطفلة (فرح)
شاهد الناس صورة تعرض على شاشة التلفاز وأجهزت الأمن تطلب ممن يعرف شيئاً عنها
إن يتصل بأقرب مركز لشرطه،أو بأهل الطفلة .. واعتقدت الأم بأن هذه الصورة تعود إلى ابنتها (فرح)
وانهارت وأدخلت على اثر ذلك إلى ((المستشفى )) وهي تهذي وتردد .
((فرح حبيبتي..عودي يا فرح)) ولكن هيهات في أحد الليالي.
وبينما كان المرضى نائمون في أسرتهم ..والممرضات بين منشغلة بمريض . ومراقبة لجهاز
سمع صراخ أعقبه سقوط جسم على الأرض. تلاه صوت يقول: أنها هي ..هي (فرح)؟
أنها هنا.. في المستشفى ..نعم.. نعم ..أنها هي ابنتي فرح بعينها إني اعرفها.
أنها ابنتي..ابنتي فرح .وهرعت الممرضات إليها أحداهن تهدئ من روعها.
وأخرى تمسح على وجهها، وغيرها جاءت لها بكوب من الماء، وبعض الأقراص المهدئة ، ثم اتبعتها بإبرة علها تنام فتستريح.
في الساعة التاسعة صباحاً ، استيقظت (أم فرح ) متعبه بل منهكة، بعد ليله عاصفة من الكوابيس المشوشة.
أخذت الممرضة المناوبة تتحدث إليها بلطف ، ثم أعانتها على النهوض والذهاب بها إلى دورة المياه، لكنها لما خرجت منها لم تذهب إلى سريرها.
بل وقفت في وسط الباب تطالع الممر الواسع الذي يؤدي إلى جميع الغرف.
مشت فيه بهدوء..تطل بكل غرفه وتسللت إلى غرفة منزوية.
وفي الغرفة سريران تفصل بينهما ستارة ، فحوله همس خافت بين ممرضتين.
اندفعت (أم فرح ) إلى الستارة بقوة فأزاحتها بشده وهي تصرخ.
((أنها هي ابنتي فرح))
وشدت اللحاف بقوه من فوق السرير حيث هربت الممرضات من الخوف.
فكان على السرير جسد مسجى لامرأة عجوز أشبه بهيكل عظمي.
فانهارت (أم فرح ) فسقطت على الأرض فاقده الوعي ومضت على هذه الحال أيام عديدة .
أخذت خلالها الأم تستعيد اتزانها مع يأسها من عودة ابنتها إلى المنزل .
كذلك كان شعور زوجها الذي لا يهدى له بال ولم يترك إي مكان إلا وذهب إليه .
ومن بعدهم الجيران وحتى الشرطة. الجميع لا يعرف شيء عن (سرغياب الطفلة فرح)
المشهد الثالث من السر الخفي
كان الزوج غارقاً في النوم وبمفرده ، وزوجته لا تزال في المستشفى وكان قد مضى
في هذا الوقت (عشرة شهور) كاملة على غياب فرح..
دق جرس الهاتف!
- نعم
= هل أنت والد فرح؟
- نعم أنا..من أنت ؟
وقبل إن يكمل الأب كلامه قاطعه المتحدث عبر الهاتف وقال:
-اصمت واستمع.. هذا صوت ابنتك أنها بخير.!! واحذر أن تخبر الشرطة.!
وانقطع الاتصال .. لأصوت مطلقا.. لأفي الداخل ولأفي الخارج.. لم يكن
هناك غير تكتكة الساعة!.
وسرح الأب في أفكار مذهول ، وهو يفتح عينيه ويغمضها.. يحاول إن يتذكر شيء من
حديث الهاتف ، ليتأكد إن الحديث حقيقة وليس مجرد خيال!!
فبقى على هذه الحال حتى داهمه الكرى فنام.
بعد مضي أسبوع من المحادثة الهاتفية ، خرجت الزوجة من المستشفى وعادة إلى المنزل.
بعد ما تحسنت حالتها الصحية بعض الشيء ، مع إن الغم والحزن لا يزالان مطبقين عليها.
وهي تمر في حالة من اليأس والقنوط والاستسلام لا مثيل لها ، إن من يراها يظن أنها قد جاوزت التسعين من العمر. مع أنها لم تبلغ من العمر الثالث والعشرون تقريباً .
لم تنم (أم فرح) لحظة واحده تداهمها الأفكار في كل لحظة تستطرد معها الذكريات مع ابنتها المفقودة فرح .
وفي الليلة الثانية من خروجها من ألمستشفى أنهكها التعب ،
فألقت بنفسها على السرير ثم ذهبت في غفوة، وعند منتصف الليل .
أفاق الزوج من نومه على صراخ زوجته فوجدها جالسة وسط السرير وهي تحتضن الوسادة وتصيح.
((حبيبتي فرح أين كنتِ؟)) فاخذ الزوج يهديها ثم نامت ووضع عليها لحاف خفيف .
واخذ في جانب من غرفة الجلوس، وهو يبكي بصوت مختنق وكبد مجروحة .
ويفكر في حديث الهاتف! الذي طمأنه وفي نفس الوقت هدده. واخذ يؤكد لنفسه بأن ذلك كان جزء من حلم.
بدليل انه لم يحدث شي مما ذكره له المتصل، وان الصوت كان خافتا وكأنه خارج من بئر ومتقطعاً كصوت
جهاز التسجيل الذي أوشكت بطاريته على النفاذ .
وفي هذه اللحظة استغرب الزوج ، ليسئ كعادتها (أم فرح) تنام إلى هذا الوقت المتأخر من النهار .
وذهب إليها ليخفف من إحزانها ، فوجدها قد فارقت الحياة حزناً على ابنتها فرح .
فبكى - وبكى - وبكى- حتى احمرت عيناه من شدة البكاء وفقد البصر.
ماتت الأم حزناً على فرح وفقد الأب البصر .!!؟؟
ولازالت الطفلة فرح في السر الخفي
hgsv hgotd hgsvKhgotdKkhwvKhgpvfd
العرض الشجري
