المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ما هو الذكاء العاطفي وكيف تطوره وتستفيد منه عمليًا


سوار ديزاين
10-21-2021, 10:34 AM
ما هو الذكاء العاطفي وكيف تطوره وتستفيد منه عمليًا

https://www.alrab7on.com/wp-content/uploads/2021/09/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%88-%D8%A7%D9%84%D8%B0%D9%83%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D8%B7%D9%81%D9%8A.png


تخيّل عالمًا لا يتفهّم أي شخص فيه مشاعر غيره ولا دوافعه العاطفية الخفية؟ برأيي أن الغابات حينها ستكون أكثر أمانًا! نحن نحتاج الذكاء العاطفي، فنحن قد نشكّل خطرًا على أنفسنا وعلى الآخرين إذا لم ندرك حجم المسؤولية تجاه شعورنا وسلوكنا.

ففي أي يومٍ عادي؛ يحدث أن تجد نفسك تتجه تلقائيًا لصديق بعينه دون غيره عندما تشعر بالغضب أو الضيق. أو ربما تجد مديرًا إذا تعرض لضغط كبير لا يزال يتصرّف بذكاء وتنظيم، دون إهانة أو انفعالات مدويّة.

هذا الصديق وذاك المدير هما مثالان على الأفراد ذوي الذكاء العاطفي. وبسبب هذه السمات العاطفية، ترى هذا الصديق يجذب الذين يحتاجون إلى الدعم والتفهّم. وترى ذلك المدير أو القائد يعزّز الثقة في نفوس مرؤوسيه ويمنحهم الحرية للإبداع والنقاش.

جمّع خبراء الصحة والطب النفسي هذه السمات فيما يعرف باسم الذكاء العاطفي – Emotional Intelligence.

ولكي تتمتع أنت أيضاً بهذه السمات، ينبغي أولًا أن تعرف ما هو الذكاء العاطفي، ثم تتعلم كيف تطوره وتستفيد منه عمليًا واجتماعيًا، وحتى معرفيًا.
ما هو الذكاء العاطفي

الذكاء العاطفي أو ما يُعرف باسم Emotional Intelligence؛ هو القدرة على فهم واحتواء وتقييم المشاعر والعواطف، والأهم التحكّم بها.

يقترح الأخصّائيون النفسيون أنه يتم اكتساب هذا النوع من الذكاء بالتدريب والتعوّد، بينما يرجّحون أن بعضه هو سمة أصيلة في طبع الفرد، ويصفونه حتى بأنه أهم من الذكاء المعرفي – IQ.

تتلخّص قيمة الذكاء العاطفي في أنه:

يعزّز تفهّم واستيعاب الأفراد لمشاعرهم أولًا، ثم السيطرة عليها والتعبير عنها بطريقة صحية.
يمكّنهم من تفهّم مشاعر الآخرين، والأسباب التي جعلتهم يستجيبون ويتصرفون بطرق معينة.
استنتاج الطريقة الصحيحة للتعامل مع هؤلاء الآخرين على الصعيد المعنوي والعملي.

يقترح المؤلف والخبير النفسي دانيال جولمان خمس سمات ومستويات أساسية للذكاء العاطفي، والتي يمكن للأفراد من مختلف المستويات الفكرية والاجتماعية أن يضعوها قيد التطوير، وهي:
1. إدراك المشاعر والوعي بالنفس

أول مراحل الذكاء العاطفي هو قدرتك على إدراك مشاعرك المختلفة وتسميتها باسمائها الصحيحة. بالإضافة إلى مراقبة أسبابها وتطوّرها ومسبباتها، ومن ثمّ تقدير ما إذا كانت هذه الأسباب حقيقية أم من صنع أفكارك.

ولأن وعيك بنفسك ومشاعرك سيشرح لك سبب تصرفاتك، لذا حينها ستتمكن تلقائيًا من التحكم في مشاعرك والسلوكيات التي تترتّب عليها بشكلٍ صحيّ.

أي أنك ستدرك تمامًا تأثير مشاعرك وسلوكك عليك وعلى مَن حولك من أفراد عائلة أو موظّفين أو زملاء عمل، وبالتالي تستطيع الأخذ بزمام عواطفك والتحكّم بها بدلاً من تركها تتحكم بك سواءً في أفكارك أو سلوكك.

لذا فعندما تشعر بالغضب أو الإحباط، سنتنتبه أنه لا ذنب للآخرين من حولك من دوائرك المقربة أو الغرباء فلا تنفّس عن غضبك فيهم بدون داع. بل والأهم أنك ستعرف لمَ تشعر بهذا الغضب أو الإحباط وتُرجعه إلى أساسه.

قد تغضب لأن إطار سيارتك انقطع. والنتيجة هو أنك ستتأخّر على العمل، ما يعني خصمًا من راتبك أو تأنيبًا من المدير أو تأخيرًا في تسليم العمل. فالحقيقة هنا أن غضبك ليس بسبب انقطاع الإطار، بل خوفك من هذه النتائج.

سيدفعك هذا الغضب ربما للتصرّف بشكل غير لائق مع الآخرين، في حين أن هذه النتائج التي تتوقعها كلها قد تكون غير واقعية أو لن تحدث، أو حتى لن تكون بهذا السوء. فتكون النتيجة أنك أفسدت علاقتك بالآخرين، وتأخّرت على العمل!

بوعيك بذاتك ومشاعرك، ستدرك تمامًا نقاط قوتك وتوظّفها لصالحك، وتعرف نقاط ضعفك وتحترم وجودها، وتعمل على تطويرها إن أمكن ذلك. وسيساعدك على التشجّع والقيام بالمبادرات، والوفاء بإلتزاماتك العملية والاجتماعية.
نصائح لتعزيز الوعي بالنفس وإدراك المشاعر

انتبه إلى مراحل تطوّر مشاعرك من مجرد فكرة إلى شعور، ثم إلى سلوك وردة فعل.
دوّن هذه المشاعر وسجّلها في دفتر شخصي لتتتبعها لاحقًا.
اطلب آراء ومساعدة الآخرين ممن حولك في تقويمك وتوعيتك بأفكارك وسلوكك.
تنبّه إلى ردود أفعالك وراقب المواقف التي تثيرها.
مارس التأمّل أو الاختلاء بنفسك لتراجعها وتضع يدك على مواطن قوتها وضعفها.
اقرأ في المشاعر والأفكار وعلاقتها بسلوك وصحة الإنسان العقلية والنفسية.
التمس التوجيه والعلاج السلوكي من المختصّين، ولا تخجل من السعي لتحسين ذاتك؛ فهي من سمات الأذكياء والقادة.

2. التحكم بالنفس

كما ينبني الذكاء العاطفي على الوعي بالمشاعر، فإنه كذلك يتطلب إدارتها وتقويمها.

والتحكم بالنفس والمشاعر هنا لا يعني كبتها أو إخفاءها، بل التعبير عنها بالشكل الصحيح في الموقف الصحيح وبالطريقة الصحيح.

أولئك الذين يتمتعون بمستويات عالية من الذكاء العاطفي عادةً ما يكونون مرنين في مواجهة التحديات والمواقف الصعبة، سواء في منازلهم أو الشارع أو بيئة العمل، ويميلون إلى التأقلم والتكيّف لحين مرورها؛ وبالتالي فهم يبرعون في إدارة الخلافات والنزاعات عبر تقليص التوتر واحتواء الآخر.

فمثلًا عندما يقع خلاف أو شجار في بيئة العمل.. لا ينخرط الأذكياء عاطفيًا في الصراخ أو التدنّي بأسلوب الكلام، بل يسعون إلى تفهّم واحتواء غضب الطرف الآخر أو تجنّب المحادثة كليةً لحين هدوء الجميع، أو حتى محاولة توسيط طرف ثالث للحكم.

من يتمتعون بالذكاء العاطفي أيضاً يعرضون أفكارهم ومشاعرهم بتنظيم دون تجريح أو تقليل للآخر، ويعربون عن عدم تقبلهم لأي تجاوز مع التأكيد على احترام وتقبل الأطراف الأخرى في كل حال.

وبشكلٍ عام، فالأشخاص القادرون على التحكّم في ذواتهم يتمتعون بضميرٍ حي، ويدركون تمامًا تأثيرهم على الآخرين؛ فلا يهاجمونهم لفظيًا ولا يسرعون في اتخاذ قرارات متعجلة أو عاطفية، وبالتأكيد فهم لا يصنّفون الناس كذلك ولا يتنازلون عن قيمهم العليا لإرضائهم، لا في الحياة الشخصية أو المهنية.

وكل هذه السمات تتشكّل سويًا لتعزّز من تقديرهم لأنفسهم ولشعورهم بالمسؤولية تجاه أفعالهم أو تجاه الآخرين.
نصائح لتعزيز التحكم بالنفس

حدّد قيمك المثلى الكبرى التي تحدّد هويتك، والتي لا تتوقّع أن تتنازل عنها تحت أي ضغط أو سبب، ثم التزم بها.
تحمّل مسؤولية أفعالك وقراراتك وحتى خياراتك والنتائج التي تترتب عليها، ولا تلقي باللوم على الآخرين لتريح نفسك.
راقب تصرفاتك جيدًا في أي موقف صعب، وتنبّه تمامًا ألا تفرغ شحنة غضبك أو استياءك في الآخرين.
مارس مهارات التواصل جيدًا مع الآخرين، وكن منصتًا لرسائلهم وأفكارهم وليتسع صدرك لتقبّلها.
اقبل نقاط ضعفك بينما تعمل على تغييرها. وتذكّر أن الممارسة المستمرة هي الطريق الوحيد لتحسين هذا الضعف.
تجنّب دائمًا التصادم خاصةً أثناء الخلافات أو النقاشات الحادة. يحتاج المرء إلى 20 دقيقة على الأقل ليهدأ ويذهب غضبه بعض الشيء، فإذا أمكن أن تطلب ممن حولك تكملة النقاش بعد قليل فافعل.


3. المهارات الاجتماعية والوعي بالآخرين

تعاطفك مع الآخرين، وإظهار العطف والرحمة لمَن يستحقونها، كالضعفاء والحيوانات والأطفال والغرباء، وبالطبع دوائرك المقرّبة.. كل هذا من الأركان الأساسية للذكاء العاطفي، والتي لا يُعد المرء ذكيًا عاطفيًا بالكامل بدونها.

قدرتك على الوعي بالآخرين (مشاعرهم وسلوكياتهم واحتياجاتهم) تؤسس وتوثق علاقاتك معهم؛ لأن البشر عادةً يميلون لمن يصدقونهم ويتجاوبون مع عواطفهم لكونها أمرًا حساسًا وشخصيًا للغاية.

والذكاء العاطفي هنا يتجاوز محض تفهّم مشاعرك ومشاعر الآخرين واحتياجاتهم؛ فيتعيّن عليك التواصل والتفاعل معهم وفق هذه المشاعر والاحتياجات.

فمثلًا، عندما تعرف أن صديقًا يشعر بالوحدة أو الخوف، فلا يكفي أن تُظهر تفهّمك واحترامك لهذه المشاعر، فالذكاء العاطفي هنا هو أن تحقق له المواجدة والأنس والدعم ليتجاوزها.

ولا يعني أن العلاقة التي تربطك بالآخرين هي علاقة عمل أو غيره أنّك لا تظهر التعاطف والتفهّم في حال مرورهم بموقف ضعف أو خطأ.

هذه الاستجابة تسمّى التعاطف، والتي سنأتي على تفصيلها في النقطة الرابعة من سمات ومكونات الذكاء العاطفي الخمسة.

مع الممارسة، ستتمكن من إلتقاط وفهم التلميحات والدلالات الشعورية التي يلمح بها الآخرون أمامك -ولو بدون وعي منهم – وتقدّرها.

وستعرف قيمة وقوة ديناميكية العلاقات في المجتمعات أو الشركات، وبالتأكيد، واجبك في تفعيل هذه العلاقات وتطويرها باستمرار من خلال مهارات الإنصات الفعّال ومهارات التواصل اللفظي والإيماءات والإقناع وغيرها.

في النهاية، عندما يصبح التواصل الفعّال هو لغتك الأولى، ستجد تأثيره في توثيق علاقتك بمن حولك، وستفهم منهم وعنهم دون سوء ظن أو إساءة، والأهم ستؤثّر بهم وتمنحهم مجالًا للثقة بك وفي رفقتك والعمل معك.
نصائح لتطوير المهارات الاجتماعية والوعي بالآخرين

مارس الإنصات الفعال، ركّز ناظريك على المتحدث وعبّر عن متابعتك بالإيماءات والكلمات المشجعة للاستمرار. تجنب المقاطعة والتشتت مع الآخرين أو الجمادات كالهاتف أو الشاشات.
قدم كلمات المدح والثناء والشكر للآخرين دون خجل أو حرج، واظهر امتنانك لخدماتهم لك واثن على أدائهم وتطوّعاتهم.
تعلّم مهارات فضّ النزاع وحل المشكلات. تذكّر أن الهدف دائمًا ليس اثبات أنك على حق، بل حل التحديات وتحقيق السلام.
تقبّل النقد والنصح. عادةً فإن الآخرين لا يقصدون إهانةً مباشرة، بل نصيحةً خالصة. على كل حال، فليتسع صدرك للنقد ما دام بنّاءً ومستوفيًا لحدود الاحترام.

4. التعاطف وإدارة العلاقات

الوعي بالآخرين والمهارات الاجتماعية هي أحد أهم سمات الذكاء العاطفي وجزء من تعريفه. لذا، فإن إدارة العلاقات مهارة لابد منها؛ فبها تتمكّن من إنشاء وتوثيق واستدامة العلاقات القيّمة مع الآخرين من أفراد عائلتك وأصدقائك وقرنائك في العمل بدون تخبّط أو صعوبة.

وأهم آليات إدارة هذه العلاقات هو التعاطف… التعاطف هو إمكانية فهم وتقدير مشاعر الآخرين، والتجاوب وفق هذه المشاعر.

فكما وضّحنا في أحد الأمثلة السابقة، فإن الصديق الذي يشعر بالوحدة، لا يكفيه فقط أن تظهر احترامك وتفهمك لهذه الوحدة، بل أن تسعى لمساعدته في تجاوزها بتقديم الدعم والمساندة ومؤانسته.

هذا العطف هو ما يميّز الشخص ذي الذكاء العاطفي عن الشخص العادي. التعاطف هو جزء كبير من سمتنا ونشاطنا الإنساني؛ وكلما زاد عطف المرء على من حوله، كلما زادت محبتهم وثقتهم له.

عطفك يساعدك على فهم تأثيرك على الآخرين وفي العلاقات التي تكون طرفًا منها سواءً العلاقات الشخصية أو المهنية.

وهو عنصر ضروري لتوجيه مشاعرك وتفاعلاتك مع وتجاه الآخرين. فعندما تعرف أن شخصًا تعرّض لفقد أو فجيعة، فستتعاطف معه وتشاركه وجدانيًا بالكلام الداعم واللفتات اللطيفة وغيرها.
نصائح لممارسة مهارة التعاطف مع الآخرين

ضع نفسك مكان الآخرين لتتفهّم موقفهم وشعورهم، ولتفهم الأمور من وجهات نظرهم.
احترم مشاعرهم؛ لأنها السبب الذي عليه يبنون مواقفهم وتصرفاتهم. احترمها حتى لو لم تعتقد أنها ضرورية في هذه المواقف.
إبتكر طرقًا لتمارس العطف مع الآخرين في أوقات الجد والرخاء.
استجب لمشاعر الآخرين كالغضب والإحباط والضيق، وعبّر عن احترامك وتقديرك لهذه المشاعر وأنك تقدّر معاناتهم.
امتناعك عن صبّ الغضب أو الغيظ على الآخرين هو نوع من أنواع التعاطف، حتى لو كانوا يستحقون هذه المعاملة من وجهة نظرك. إلا أن التعاطف معهم سيمكنك من التماس الأعذار ومحاولة تمرير الموقف (أو المواقف) التي تزعجك.

5. تحفيز الذات

تحفيز الذات هو أحد مهارات الذكاء العاطفي التي يمارسها كثير من الأذكياء عاطفيًا في حياتهم.

لا يحتاج الشخص ذو الذكاء العاطفي محفّزًا أو دافعًا خارجيًا ليقوم بما يتعيّن عليه فعله أو ليحقق أهدافه سواء في عمله أو حياته الخاصة؛ حيث أهدافه عادةً ترتبط به وبتقديره لذاته والقيم التي يتبناها لا بالآخرين ولا بما يفرضه العرف والتقليد.

أي أنه لا يتأثر ولا تستهويه الأهداف الهوائية كالشهرة والثراء الفاحش والصيت والتنافس وغيرها، بل يحركه الشغف والبحث عن التجارب التي تصقل معرفته وذاته، وهو في هذا يلتزم بمعاييره وقيمه التي يعتنقها وتضبط مساره.
نصائح لتعزيز مهارة تحفيز الذات

درّب نفسك على وضع أهداف شخصية صغيرة وقابلة للقياس، واحتفِ بتحقيقك هذه الأهداف.
جرّب خوض تحديات شخصية جديدة حتى لا تشعر بالملل أو الإحباط.
جرّب أن تعمل مع أحد الذين تثق بهم في تحقيق أحد الأهداف وليساعدك ذلك على الصمود والالتزام به.
احتفل بالنجاحات الصغيرة.
كن متفائلًا ومارس الايجابية في كل موقف، ولا تدع الضغوط تخرج أسوأ ما فيك. بل دعها تكن حافزًا لك لتبتكر حلولًا للتكيّف وتحقيق أفضل عائد من أي وضع حرج.


الذكاء العاطفي: كيف تطوره وتستفيد منه عمليًا؟

من بين بقية المهارات الناعمة الأخرى، يتصدّر الذكاء العاطفي ويزداد شيوعه في سوق العمل يومًا بعد يوم.

وفي الحقيقة، هو ليس موجةً رائجة جديدة، بل مهارة ثبُتت فعاليتها في أداء فرق العمل في الشركات، بل وأداء الشركات ككل في مستوى الإنتاجية والمبيعات.

فالفريق الذي يضم أعضاءً يتحلّون بالذكاء العاطفي ويمارسونه مع بعضهم في معاملاتهم المهنية أو الإنسانية المعتادة يحققون نتائج وفعالية أكثر من غيرهم؛ هذا لأنهم يعملون في انسجام وتناغم، ولا يدعون مجالًا للمشاحنات أن تأخذ من احترامهم لبعضهم أو فعاليتهم الوظيفية.

سواء كنت تعمل في شركة أو عن بُعد، فالمهارات التالية ستساعدك على معرفة أهمية الذكاء العاطفي وكيف تطوره وتستفيد منه عمليًا:
1. تعرّف على ما يستفز مشاعرك

كلنا، بلا استثناء، لدينا ما يثير أعصابنا ويستفز مشاعرنا. وكما اتفقنا، فالأشخاص ذوو الذكاء العاطفي يعرفون أنفسهم ومحفّزات مشاعرهم.

فإذا أردت أن تطور ذكاءك العاطفي وتستفيد منه عمليًا في عملك، فراقب أفكارك ومشاعرك وتعرّف على مسبباتها. تلك الأسباب التي تجعلك تشعر بالغضب أو الإحباط أو الألم، أو حتى السرور.

عندها فقط ستتمكن من فهمها وإدارتها، وهذا ما يأخذنا إلى النقطة الثانية..
2. تعلّم كيف تتحكم

الخطوة الثانية من وعيك بمشاعرك هو إدارتها والتحكم بها في الظروف المختلفة، ولا تدعها تسيطر عليك أو تتحكم بسلوكك.

تعلّم أن تبقى هادئًا في المواقف الموترة والمضطربة. ستنتهي عمّا قليل، وستتمكّن من إخراج مشاعرك في الوقت الصحيح بالطريقة الصحيحة. ضع تركيزك في الخروج من الموقف بأفضل نتيجة وبحلول عقلانية تركّز على الهدف.

أي إنفعال تنفعله وأنت متوتر أو غاضب لن يكون -على الأرجح- في مصلحتك، وستكون قراراتك وأحكامك مندفعة، وهو ما لا تريده.

مارس التنفس والتأمل ولو لدقيقة واحدة، وابتعد عن إبداء ردود أفعال لحظية.
3. استخدم نمطًا حازمًا في التواصل

لا أقصد أن تتصرف بعنف أو فظاظة، وإنما أن تعبّر عن رأيك أو طلبك بشيء من القطع والحزم للآخرين؛ بينما تحافظ على ذات القدر من الاحترام والتقدير للآخرين.

تذكّر أنه لن يقرأ أحد أفكارك، وأنه قد يخلط الناس بين اللطف والتردد أو الشك؛ لذا فتحدث بثقة وتأكيد لما تريده أو تقصده بحيث لا يخطيء الآخرون فهمك أو يحملوا مقصدك على محمل آخر.

4. انصت بحرص

في المحادثات والنقاشات -خصوصًا الحادة- لا تنصت بهدف أن تنتظر الآخر ليفرغ من حديثه. بل انصت بتمعّن وتركيز على ما يقول لتتأكّد من أنك تفهم تمامًا ما يقوله (والأهم: يقصده).

اترك مساحةً للآخرين بالتحدّث والتعبير عن آرائهم ووجهات نظرهم. انتبه للغة أجسادهم وتعبيرات وجوهههم، وحتى للحن ونبرات أصواتهم. أنت تعرف كيف يتغير المعنى بطريقة قوله فحسب.
5. ساهم في حل المشكلات

إذا أردت أن تطوّر من ذكائك العاطفي وتستفيد منه عمليًا وشخصيًا، فتعلّم كيف تحل المشكلات والأزمات.

اعمل على تنحية مشاعرك وانفعالاتك قبل إتّخاذ أي قرار قد يكون هدّامًا أو مسيئًا للآخرين أو حتى لمصلحة العمل.

وإليك بعض النقاط التي ربما تساعدك في هذا الأمر:

تذكر دائماً أن المشكلة حدثت وليس هناك سبيل للعودة للوراء.
اتخذ الشخص الذي تسبب في المشكلة في صفك لأن الأكثر دراية بكيفية حلها.
ركز تفكيرك وطاقتك تجاه إيجاد حلول.
لا تبدأ بالعقاب بل أجله حتى تنتهي من حل المشكلة.

6. تعلّم متى تترك النقاش

يحدث أن تحتدم النقاشات وتتحول إلى مناوشات، فبدلًا من تبادل الرأي لتحقيق نجاح جماعي يتحوّل التركيز إلى الانتصار للذات.

عندما تجد نفسك في موقف كهذا، وتجد أن أسلوب النقاش أو المداولة يتجاوز حدودك أو حتى لا يعجبك، يمكنك الانسحاب والاعتذار عن الاستمرار فيه.

لا تخجل من أن تطلب لنفسك وقتًا للتفكير سواء لدقائق أو ليوم كامل. اجعل تركيزك على تهدئة نفسك أولًا لتجنيب التصرف على أي إنفعال، وثانيًا فكّر في حل للمشكلة واتخاذ قرار صحيح فعّال لنفسك وللفريق.
7. مارس التعاطف

كما قلنا سابقًا، فالتعاطف من أهم سمات الأشخاص الأذكياء عاطفيًا. ولا يعني التعاطف فقط التعاطف على الحيوانات الضالة الجائعة، بل مع الجميع وفي كل المواقف.

حاول أن تضع نفسك في موقف الآخرين؛ لتعرف السبب والدافع من مواقفهم، ولتتمكّن من فهمهم على النحو الصحيح ثم لتقدم الدعم والاستجابة الصحيحة لكل موقف.

قد لا يعجبك أن زميلًا تأخّر في الرد على طلبك أو رسالتك البريدية لإتمام العمل، ولكن عندما تعرف أنه لديه مهامًا أخرى كثيرة أو أنه يعاني من مشكلة صحية أو أسرية ستتعاطف معه بالتأكيد، وتعرض مساعدتك أو تتكفّل بإتمام العمل بمفردك.

فالأهم من الشعور بالتعاطف، هو ممارسته.
8. تقبّل النقد

إذا كنت ترغب في تطوير ذكائك العاطفي وتستفيد منه عمليًا على أكمل وجه، أقدّم لك أصعب مهارة في مهارات الذكاء العاطفي وهي تقبّل النقد.

سماع النقد ليس بالضبط أفضل شيء تتعرّض له. لكن قبل أن تأخذ وضع الدفاع والتحفّز للهجوم أو الرد على هذا النقد، خذ خطوةً للوراء واستمع للنقد وحلّله بشكل موضوعي.

فكّر في دوافع الذي يقدّم لك النقد، ربما يريد أن يوصّل فكرةً مضمونها يرفع من فعالية وكفاءة أدائك في العمل. نعم النقد سيء الطعم، لكن لعل هناك ولو فكرةً واحدة فقط وراءه ستأتي عليك بالخير.

في النهاية، وبعد أن فصّلنا حول ما هو الذكاء العاطفي وكيف تطوّره وتستفيد منه عمليًا، حان الوقت لتضع هذه المعرفة والخطوات قيد الممارسة والتنفيذ.

لا أقول أنها سهلة أو لا تتطلّب جهدًا ووقتًا وصبرًا طويلًا لتملّكها، لكن كما يقولون فإن الرحلة في الطريق. ستتعلم في طريقك لممارسة الذكاء العاطفي كيف تعامل الآخرين بذكاء، وتصبح نسخةً أفضل من نفسك.