المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فإني لأرى الفتن تقع خلال بيوتكم كوقع القطر


ابن الصحراء
07-25-2022, 10:36 PM
فإني لأرى الفتن تقع خلال بيوتكم كوقع القطر

http://www.alukah.net/images/content/full/106355/106355_180x180.jpg
• عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: أشرف النبي صلى الله عليه وسلم على أطم من آطام المدينة فقال: ((هل ترون ما أرى؟))، قالوا: لا، قال: ((فإني لأرى الفتن تقع خلال بيوتكم كوقع القطر))؛ متفق عليه[1].

يتعلق بهذا الحديث فوائد:
الفائدة الأولى: لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم معلمًا ومربيًا؛ فها هو يستغل كل فرصة للدعوة إلى الله تعالى، وتربية أمته على الخير، وتحذيرهم من كل شر، فهل بعد هذا البلاغ والبيان والتوضيح يغتر مغتر، أو يقول قائل: لم أعلم، أو لم يبلغني؟! وإخبار النبي صلى الله عليه وسلم عن وقوع الفتن يتضمن إشعارًا بخطورتها، وضرورة التوقي منها، والبعد عنها؛ فليس هو خبرًا مجردًا؛ إذ قد استقر في عقول الصحابة رضي الله عنهم والأمة خطورة الوقوع في الفتنة، وضرورة التجافي عنها؛ لكثرة ما ورد في الكتاب والسنة من التحذير منها؛ قال الله تعالى: ? يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ ? [الأعراف: 27]، وقال تعالى: ? وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ? [الأنفال: 25].

الفائدة الثانية: إخبار النبي صلى الله عليه وسلم عن رؤيته للفتن واقعةً في نواحي المنازل، وتشبيهه مواقع سقوطها بمواقع المطر مشعِرٌ بكثرتها واتصافها بالعموم؛ حيث تصيب قطرات المطر عموم المنطقة التي تسقط عليها، فهذا كائن وواقع في تلك الأزمنة الموصوفة بالخيرية، وأما في هذه الأزمنة المتأخرة فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن شأنها بما هو أكبر وأكثر؛ ففي حديث آخر يخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من علامات الساعة فُشُوَّ الفتن وظهورها والإعلان بها؛ فهذا أبو هريرة رضي الله عنه يحدث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم، وتكثر الزلازل، ويتقارب الزمان، وتظهر الفتن))[2]، قال العلماء رحمهم الله: المراد بظهور الفتن: كثرتها واشتهارها وعدم التكاتم بها، وتغلغلها في الأوساط الإسلامية[3].

الفائدة الثالثة: الإخبار بكثرة وقوع الفتن يوجب على المسلم أمرين:
الأول: الحذر الشديد من الوقوع فيها؛ فهي فتن كثيرة من بين يديه ومن خلفه، وعن يمينه وشماله، كما شبَّهها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ((خلال بيوتكم))؛ فلا تقل: أنا بعيد عن الفتنة، ولا تقل: لم أقع فيها بعد، ولا تقل: إنها لم تعرض لي إلى الآن، ولربما كنت غارقًا فيها من أعلى رأسك إلى أخمص قدميك، ولكن بعض الناس إما جاهل أو متجاهل مغرورٌ بما لديه.

الثاني: عدم الاغترار بكثرة الواقعين في الفتن؛ لأن كثرتها وزيادتها تدل على كثرة من يتقبلونها، ولا يستنكرونها، فالناجي من الفتنة هم القليل الذين يحافظون على أنفسهم ومن تحت أيديهم، ثم الناس بعد ذلك في الفتنة بين مستقلٍّ منها ومستكثر.

---------------------------------
[1] رواه البخاري في كتاب الفتن، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((ويل للعرب، من شرٍّ قد اقترب))، 6/ 2589 (6651)، ومسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب نزول الفتن كمواقع القطر 4/ 2211 (2885)، وآطام المدينة: حصونها المرتفعة.
[2] رواه البخاري في كتاب الاستسقاء، باب ما قيل في الزلازل والآيات 1/ 350 (989)، ومسلم في كتاب العلم، باب رفع العلم وقبضه وظهور الجهل والفتن في آخر الزمان 4/ 2057 (157).
[3] ينظر: فتح الباري 13/ 18، وعمدة القاري 24/ 183، وكتاب: موقف المسلم من الفتن للشيخ حسين الحازمي ص83.


رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/106355/#ixzz4JOb1v0Nd






-------------------------------