المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لراديو بقي لسنوات طويلة هو الإعلام الأول


النشمي
02-18-2022, 11:01 AM
الراديو بقي لسنوات طويلة هو الإعلام الأول

https://www.alriyadh.com/media/thumb/9e/f1/1000_667b60767c.jpg

كلما غطت نصف وجهها بوشاحها الأسود واحتضنت مذياعها الصغير"الراديو" لتضعه عند وسادتها، عرفت أن جدتي تستعد للنوم، كانت تطلب في تلك الحقبة الزمنية أن أترك المذياع على قناة القرآن حتى تنام على صوته وتستيقظ مبكراً، حينما تبدأ برامج الصباح الإذاعية لحلقات الذكر في السنين كنت أشعر بالدهشة من تعلق جدتي بالمذياع في فترة بدأ التلفاز يأخذ مكانته في الاقتراب من اهتمام الناس.

كبرت وعرفت أن جدتي كانت على حق في التصاقها بـ"الراديو"، فيبدو أنه هو الشيء الوحيد الذي مهما تنوعت وسائل الاتصال وتعددت أشكال القنوات التي تتعلق بالمعلومة والترفيه إلا أنه هو الشيء الذي نعود إليه في أي وقت، هو فقط من يستطيع أن يمنحنا الرفقة في الطريق أو في الأماكن التي نتطلع أن يرافقنا بها صوت بعيد يسلبنا الهموم ويمنحنا المتعة.

بقي المذياع "الراديو" لسنوات طويلة جداً وسيلة التواصل الأولى مع الناس والوقوف على همومهم وأفراحهم وهو وسيلة الشعوب لمعرفة حقيقة الأخبار وما يمكن أن يبحثوا عنه، فحتى على مستوى النزاعات السياسية والحروب والأخبار المهمة المتعلقة بشؤون الدولة في أي بقعة من بقاع الأرض كان المذياع هو المصدر الأول الذي يوثق الأخبار، فهو ينقل خبر انطلاق الحرب أو توقفها، أو نتائجها أو موقف زعيم أمة أو وفاته، في حين كان لدى بعض الشعوب يشكل ليلة سمراء من خلالها يبث الحفلات الغنائية التي تنقل الناس إلى البرامج الثقافية الفنية وأجواء الطرب الأصيل وهو يجلس عند الشرفة في ليلة حميمة برفقة كوب الشاي الساخن كما كان موجوداً في مصر، حينما كانت تحرص على نقل حفلات أم كلثوم كل ليلة جمعة حتى كان المذياع المرافق لذلك الفن الذي يصعب جداً أن تمر بشارع ولا تسمع صوت أم كلثوم يصدح في المذياع الذي بقي محتفظاً بمكانته، في مفهوم الرفقة التي لا يمكن أن تنتهي أو تتوقف.

مع ذلك أظن أن الإذاعة لا تمثل مرحلة من مراحل الإعلام التي يمكن لها أن تتحول أو تضمحل، لأن الإذاعة لا تشبه أي وسيلة اتصال أو نقل أخرى، فهي تاريخ طويل ارتبط بطبيعة حياتنا البسيطة التي كان المذياع يشكل لها الجزء الأهم في امتلاك العالم حينما تحب أن تستمع له، ثم إنها "رمز" لبعض الأشياء التي لا تتغير مهما هرم الوقت، رمز لتحليل التعقيد الاجتماعي لأي مجتمع، رمز للصباحات التي كانت ومازالت تبدأ بصوت فيروز، رمز للوصول إلى مختلف الناس مهما اختلفوا ومهما تغيروا وأينما كانوا، إنه الوسيلة الوحيدة التي لا تهتم للونك أو جنسك أو شكلك لكنها تعتمد في المقام الأول على "الصوت" وهو الجسر الذي يمكن أن ينقل المذيع إلى قلوب الناس متى ما امتلك أدواته الكاملة.

سيبقى المذياع "الراديو" دلالة رمزية على كل زمن جميل، على رائحة الجدات والآباء، على التحرر من سطوة الوقت ورتابته، على المرحلة التي مازالت تصر على تأثير الكلمة والصوت الصادقين.



تلك الايام مضت ياحلوها من ايام
حسب رواة الاباء والاجداد

سوار ديزاين
02-18-2022, 05:25 PM
للراديو ذكرايات خاصة عند الجميع

الف شكر لك على المعلومات الجميلة

بارك الله فيك