سلوان
05-11-2021, 07:53 AM
آراء أئمة الإسلام في التصوف وأهله
217491
السؤال
يقول الصوفية : إنّ علماءً كباراً ، مثل : الإمام أحمد بن حنبل ، والشيخ محمد بن عبد الوهاب مدحوا التصوف ، بينما يقول البعض : إنّ ذلك غير صحيح ، ولذلك أريد أن أعرف منكم ما هو رأي الإمام الشافعي والإمام مالك وغيرهم من السلف حول الصوفية والتصوف .
الجواب
الحمد لله.
أولا :
ينبغي أن نفرق بين مدح شخص معين ينسب إلى التصوف والزهد ،
كالجنيد بن محمد ، وأبي سليمان الداراني ، وأحمد بن أبي الحواري ، وغيرهم
ممن عرف بالصلاح والعبادة ، وبين مدح الصوفية على سبيل العموم ،
والحث على الانتساب إليها ، فكثير ممن نسب إلى التصوف هم من أهل الزهد والعبادة ،
فيُذكرون بما يمدحون به ، مادام أن الواحد منهم لم يتلبس ببدعة ظاهرة يدعو إليها ،
وخاصة أن أهل التصوف الأول كانوا يقيدون علمهم بالكتاب والسنة ،
كما قال عليّ بن هارون ، ومحمد بن أحمد بن يعقوب :
سمعنا الْجُنَيْد غير مرة يقول : " علمُنا مضبوطٌ بالكتاب والسنة ، من لم يحفظ الكتاب ، ويكتب الحديث ، ولم يتفقّه ، لا يُقْتَدى به "
انتهى من " تاريخ الإسلام " (22/ 73) .
وقال حامد بْن إِبْرَاهِيم : قَالَ الجنيد بْن مُحَمَّد :
" الطريق إِلَى اللَّه عز وجل مسدودة عَلَى خلق اللَّه تعالى ، إلا عَلَى المقتفين آثار رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والتابعين لسنته ،
كَمَا قَالَ اللَّه عز وجل: ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) " انتهى من " تلبيس إبليس " (ص 12) .
وقال الْحُسَيْن النوري لبعض أصحابه :
" من رأيته يدعي مَعَ اللَّه عز وجل حالة تخرجه عَنْ حد علم الشرع : فلا تقربنه ،
ومن رأيته يدعي حالة لا يدل عليها دليل ، ولا يشهد لها حفظ ظاهر : فاتهمه عَلَى دينه " .
وعن الجريري قَالَ :
" أمرنا هَذَا كله مجموع عَلَى فضل واحد هو أن تلزم قلبك المراقبة ويكون العلم عَلَى ظاهرك قائما "
انتهى من " تلبيس إبليس " (ص 151) .
فمن أثنى على مثل هؤلاء لا يقال إنه أثنى على التصوف وأهله .
فالصوفية الأوائل كانوا أقرب إلى الكتاب والسنة ، ممن جاءوا بعدهم ،
ونسبوا أنفسهم إلى التصوف .
ثم .. حتى هؤلاء الأوائل قد كان لبعضهم أشياء لا يوافق عليها ،
كما سيأتي في كلام شيخ الإسلام ، ولذلك حذر منهم أئمة السلف والعلماء ،
فقد نقل عن بعضهم عبارات فيها التقليل من شأن العلم الشرعي ،
ونقل عن آخرين منهم المبالغة في الزهد والتقلل من الدنيا والتشدد في العبادة ،
وهذا إن صلح لبعض الأفراد فإنه لا يصلح أن يكون منهجا عاما للإسلام ،
فإن الدنيا لا تصلح ولا تعمر بمثل هذا ،
ولهذا أنكر النبي صلى الله عليه وسلم على من أراد هذا من أصحابه ، فقال أحدهم :
" أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا ، [يعني : ولا ينام] ، وَقَالَ آخَرُ : أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلَا أُفْطِرُ . وَقَالَ آخَرُ : أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلَا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا . وَقَالَ آخر : أَنَا لَا آكُلُ اللَّحْمَ " .
فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ ، فَقَالَ :
( أَنْتُمْ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا ! أَمَا وَاللَّهِ ، إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ ، وَأَتْقَاكُمْ لَهُ ،
لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ ،
فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي )
رواه البخاري (5036) ، ومسلم (1401) .
217491
السؤال
يقول الصوفية : إنّ علماءً كباراً ، مثل : الإمام أحمد بن حنبل ، والشيخ محمد بن عبد الوهاب مدحوا التصوف ، بينما يقول البعض : إنّ ذلك غير صحيح ، ولذلك أريد أن أعرف منكم ما هو رأي الإمام الشافعي والإمام مالك وغيرهم من السلف حول الصوفية والتصوف .
الجواب
الحمد لله.
أولا :
ينبغي أن نفرق بين مدح شخص معين ينسب إلى التصوف والزهد ،
كالجنيد بن محمد ، وأبي سليمان الداراني ، وأحمد بن أبي الحواري ، وغيرهم
ممن عرف بالصلاح والعبادة ، وبين مدح الصوفية على سبيل العموم ،
والحث على الانتساب إليها ، فكثير ممن نسب إلى التصوف هم من أهل الزهد والعبادة ،
فيُذكرون بما يمدحون به ، مادام أن الواحد منهم لم يتلبس ببدعة ظاهرة يدعو إليها ،
وخاصة أن أهل التصوف الأول كانوا يقيدون علمهم بالكتاب والسنة ،
كما قال عليّ بن هارون ، ومحمد بن أحمد بن يعقوب :
سمعنا الْجُنَيْد غير مرة يقول : " علمُنا مضبوطٌ بالكتاب والسنة ، من لم يحفظ الكتاب ، ويكتب الحديث ، ولم يتفقّه ، لا يُقْتَدى به "
انتهى من " تاريخ الإسلام " (22/ 73) .
وقال حامد بْن إِبْرَاهِيم : قَالَ الجنيد بْن مُحَمَّد :
" الطريق إِلَى اللَّه عز وجل مسدودة عَلَى خلق اللَّه تعالى ، إلا عَلَى المقتفين آثار رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والتابعين لسنته ،
كَمَا قَالَ اللَّه عز وجل: ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) " انتهى من " تلبيس إبليس " (ص 12) .
وقال الْحُسَيْن النوري لبعض أصحابه :
" من رأيته يدعي مَعَ اللَّه عز وجل حالة تخرجه عَنْ حد علم الشرع : فلا تقربنه ،
ومن رأيته يدعي حالة لا يدل عليها دليل ، ولا يشهد لها حفظ ظاهر : فاتهمه عَلَى دينه " .
وعن الجريري قَالَ :
" أمرنا هَذَا كله مجموع عَلَى فضل واحد هو أن تلزم قلبك المراقبة ويكون العلم عَلَى ظاهرك قائما "
انتهى من " تلبيس إبليس " (ص 151) .
فمن أثنى على مثل هؤلاء لا يقال إنه أثنى على التصوف وأهله .
فالصوفية الأوائل كانوا أقرب إلى الكتاب والسنة ، ممن جاءوا بعدهم ،
ونسبوا أنفسهم إلى التصوف .
ثم .. حتى هؤلاء الأوائل قد كان لبعضهم أشياء لا يوافق عليها ،
كما سيأتي في كلام شيخ الإسلام ، ولذلك حذر منهم أئمة السلف والعلماء ،
فقد نقل عن بعضهم عبارات فيها التقليل من شأن العلم الشرعي ،
ونقل عن آخرين منهم المبالغة في الزهد والتقلل من الدنيا والتشدد في العبادة ،
وهذا إن صلح لبعض الأفراد فإنه لا يصلح أن يكون منهجا عاما للإسلام ،
فإن الدنيا لا تصلح ولا تعمر بمثل هذا ،
ولهذا أنكر النبي صلى الله عليه وسلم على من أراد هذا من أصحابه ، فقال أحدهم :
" أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا ، [يعني : ولا ينام] ، وَقَالَ آخَرُ : أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلَا أُفْطِرُ . وَقَالَ آخَرُ : أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلَا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا . وَقَالَ آخر : أَنَا لَا آكُلُ اللَّحْمَ " .
فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ ، فَقَالَ :
( أَنْتُمْ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا ! أَمَا وَاللَّهِ ، إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ ، وَأَتْقَاكُمْ لَهُ ،
لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ ،
فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي )
رواه البخاري (5036) ، ومسلم (1401) .