المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأذكار الواردة في الحج وشيء من فقهها


سوار ديزاين
12-03-2021, 08:56 PM
الأذكار الواردة في الحج وشيء من فقهها

بسم الله الرحمن الرحيم



الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد واله وصحبه اجمعين ..
فهذا مختصر لطيف قد أودعت فيه الأذكار الواردة في الحج ، اجتهدت في جمعها وترتيبها وحاولت تتبع كلام الأئمة الأعلام في الحكم على الأحاديث والآثار، وأضفت إليها شيء من الفوائد الذي تمس الحاجة له وحاولت الاختصار قدر الإمكان .
فإن أصبت فمن الله وحده لا شريك له ، وإن أخطأت فمني والشيطان .
والله أساله التوفيق والسداد وأنه يجعله مباركا على من كتبه وقرأه، وأشرف بمن وجد خطأ أو تقصيرا أن يرشدني ويبلغني إلى الصواب، حتى يتم تداركه في المرات الأخرى والله أعلم
سليمان بن أحمد العمار twitter:@aosi111



الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد واله وصحبه اجمعين ..

المبحث الأول : الأذكار الواردة عند الإهلال والدخول في النسك :
- ولا يشرع الجهر بالنية ،لأنه لم يأت عن النبي عليه الصلاة والسلام أو أحد من الصحابة ، وإنما جاءت السنة بالإهلال بالنسك عند الدخول فيه _ أي تسميته _ ، فيقول الحاج لبيك اللهم حجا ، والقارن يقول : لبيك اللهم عمرة وحجا . مرة واحدة ثم يلبي .

- اختلف العلماء في وقت الإهلال على سبيل الأفضلية مع اتفاقهم على جواز الكل ، والأقرب في الأدلة ،أنه بعد ركوب الراحلة ، عليه أكثر الأدلة ، وبه تجتمع أكثر النصوص ، بوب البخاري ،واختاره ابن كثير ورجحه ابن باز وشيخنا السعد ، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: "أهلَّ النبي صلّى الله عليه وسلّم حين استوت به راحلته قائمة " ، و جابر في البخاري ،وانس في البخاري . والجواب عن قول ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: مَا أَهَلَّ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم إِلاَّ مِنْ عِنْدِ المَسْجِدِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. فيقال : لا منافاة بين هذا وما قبله ،كما يقول ابن كثير ـ فإن الإحرام كان من عند المسجد، ولكن بعدما ركب راحلته لأن ابن عمر رضي الله عنهما قال ذلك ردّاً على من قال: إنه صلّى الله عليه وسلّم أحرم من البيداء ، وهذا هو الأفضل أن يكون إحرامه وتلبيته بعد ركوب الدابة أو السيارة، حتى يفرغ من شؤونه في الأرض من اغتسال وطيب ونحو ذلك، ويكون قد تهيَّأ بذلك التهيؤ الكامل، بخلاف ما إذا أحرم في الأرض فقد ينسى شيئاً.

-أولا : يستحب له إذا ركب راحلته أن يستقبل القبلة ُ،ثم يهل بالنسك ، عليه بوب البخاري ،بَاب الإِهْلال مُسْتَقْبِل القِبْلة ، ثم ذكره عن ابن عمر عن النبي عليه الصلاة والسلام ..
ثانيا : ويستحب قبل الإهلال التسبيح والتكبير والتحميد، لما روى البخاري من طريق أيوب عن أبي قلابة عن أنس رضي الله عنه قال لما استوت بالنبي صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم راحلته على البيداء حمد الله وسبح وكبر ثم أهل بحج وعمرة.

وبوب البخاري عليه باب التحميد والتسبيح والتكبير قبل الإهلال. قال ابن حجر : وَهَذَا الْحُكْمُ وَهُوَ اسْتِحْبَابُ التَّسْبِيحِ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ قَبْلَ الْإِهْلَالِ قَلَّ مَنْ تَعَرَّضَ لِذِكْرِهِ مَعَ ثُبُوتِهِ[1]

ثانيا : الأذكار الواردة في التلبية:
الأولى : الاقتصار على تلبية النبي عليه الصلاة والسلام وهي : " لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ , لَبَّيْكَ لا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ , إنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ ، لا شَرِيكَ لَكَ" .
- ولو زاد أحيانا فيها خاصة ما جاء عن الصحابة[2] : فله ذلك الأمرين : لأن النبي عليه الصلاة والسلام لم يزد على تلبيته ،ولم ينكر على من زاد فيها ، قال : جابر وَأَهَلَّ النَّاسُ بِهَذَا الَّذِى يُهِلُّونَ بِهِ فَلَمْ يَرُدَّ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَيْهِمْ شَيْئًا مِنْهُ وَلَزِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- تَلْبِيَتَهُ " ،ولأنها جاءت عن الصحابة .
فمما جاء : كانت تلبية عمر : لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك لبيك مرغوبا أو مرهوبا ، لبيك ذا النعماء والفضل الحسن"[3] . " يَحْيَى بن سيرين قال : كانت تلبية أنس : لبيك حجا حقا تعبدا ورقا " [4]، ". " وكان عبد الله بن عمر يلبي بهذا ويزيد ويقول "يزيد فيها لبيك لبيك وسعديك والخير بيديك لبيك والرغباء إليك والعمل." [5]. وكان ابن مسعود يلبي : " لبيك اللهم لبيك لاشريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك " .[6]

المبحث الثاني : أذكار الطواف
1- "- الله أكبر " عند بداية كل شوط ، كما في البخاري من حديث ابن عباس ،
2-- "بسم الله " عَنْ نَافِعٍ قَالَ: إِنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا كَانَ إِذَا اسْتَفْتَحَ الطَّوَافَ قَالَ: " بِسْمِ اللهِ، وَاللهُ أَكْبَرُ " قَالَ: أَظُنُّهُ لَا يَصْنَعُ ذَلِكَ إِلَّا حِينَ يَقْدَمُ [7] . لعل هذه الرواية تقيد بعض الراويات المطلقة عن ابن عمر في قوله بسم الله ،فيكون قالها فقط في أول شوط . وعلى هذا فيقال : لو قالها المرء في بعض الأحيان في أول شوط فهو حسن، لفعل ابن عمر .
3- " ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار " بين الركنين ،( أخرجه أبو داود وهو ثابت) . قال ابن عثيمين : والظاهر أنه يكرر الدعاء حتى يصل إلى الحجر الأسود . وبعضهم يزيد، ووالدينا وجميع المسلمين لابأس مالم يتخذ سنة ، أفاده ابن عثيمين [8].
.[9] قال شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ: «والمناسبة في ذلك أن هذا الجانب من الكعبة هو آخر الشوط، وكان النبي صلّى الله عليه وسلّم يختم دعاءه غالباً بهذا الدعاء».[10]
*- ومما جاء عن الصحابة من الأذكار في الطواف مايلي :
4- - " رب قني شح نفسي ، رب قني شح نفسي ، لا يزيد عليها " عبدالرحمن بن عوف رضي الله من قوله . [11]
5- - " ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار " عن عمر رضي الله عنه .[12]. وجاء عن ابن عمر .
6- " اللهُمَّ إِنْ كَانَ كِتَابِي فِي كِتَابِ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَأَثْبِتْهُ، وَإِنْ كَانَ كِتَابِي فِي أَهْلِ الشَّقَاءِ كَتَبْتَ عَلَيَّ صَعْبًا أَوْ ذَنْبًا فَامْحُهُ، وَاجْعَلْهُ فِي كِتَابِ أَهْلِ السَّعَادَةِ، فَإِنَّكَ تَمْحُو مَا تَشَاءُ وَتُثْبِتُ، وَعِنْدَكَ أُمُّ الْكِتَاب " عن عمر رضي الله عنه .[13]

*- ثالثا :الأذكار الواردة في ركعتي الطواف
- وينبغي إذا تقدم إلى المقام أن يقرأ قوله تعالى : " واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى " ، تأسيا بالنبي عليه الصلاة والسلام كما في حديث جابر، لأجل أن يشعر بفائدة عظيمة وهي أن فعله لهذه العبادة كان امتثالاً لأمر الله ـ عزّ وجل ـ حتى تتحقق بذلك الإنابة إلى الله ـ سبحانه وتعالى ـ، والذل لأوامره .[14] وقيل لا يندب قراءتها لأن النبي عليه الصلاة والسلام إنما قرأها من باب التعليم ، لرواية النسائي لحديث جابر فرفع صوته يسمع الناس ".
- قراءة الكافرون والإخلاص في ركعتي الطواف ، الرواية المرفوعة في حديث جابر تكلم فيها ، وأعلت بأنها مدرجة من كلام أحد الرواة [15] ، لكن قال بعض مشايخنا: بأنه لا يعرف خلافا في مشروعيتها فإن كان الأمر كذلك فيقال بالمشروعية لعدم حكاية الخلاف في هذا .

* - رابعا : الأذكار الواردة في السعي :
- "استحضر حال السعي : أولاً: سنة الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ، وثانياً: حال هذه المرأة وأنها وقعت في شدة عظيمة حتى أنجاها الله، فأنت الآن في شدة عظيمة من الذنوب فتستشعر أنك تحتاج إلى مغفرة الله ـ عزّ وجل ـ كما احتاجت هذه المرأة إلى الغذاء، واحتاج ولدها إلى اللبن، وقد قرأ النبي صلّى الله عليه وسلّم حين أقبل على الصفا: «إن الصفا والمروة من شعائر الله» أبدأ بما بدأ الله به ، ليشعر نفسه أنه إنما طاف بالصفا والمروة؛ لأنهما من شعائر الله عزّ وجل " .
1- عند الدنو للصفا يستحب أن يقرأ قوله تعالى : " إن الصفا والمروة من شعائر الله ..[16]" ، والظاهر الاقتصار على هذا الجزء من الآية وعدم إكمالها ، اختاره ابن باز وابن عثيمين .
2- وهل يستحب أن يقول " نبدأ بما بدأ الله به " أو أن الرسول قالها تشريعا لا تعبدا بها
الجواب : يحتمل هذا وهذا.
فيحتمل أن النبي عليه الصلاة والسلام قال " نبدأ " أو قال " أبدأ بما بدأ الله به " تشريعا، كأن يقول للناس: بدأت بالصفا، لأن الله بدأ بها.
ويحتمل أن تكون من تمام الذكر، وأن الإنسان يقول " أن الصفا والمروة من شعائر الله " أبدأ بما بدأ الله به ، ليطابق اللسان القلب ، فإن القلب أراد أن يبدأ بالصفا واتجه له ، لكن من أجل أن يطابق اللسان القلب .[17]
ولكن يقال من قالها ونوى التأسي بالنبي عليه الصلاة والسلام فهو مثاب .
ثم يرقى الصفا حتى يرى البيت ،ويستقبل القبلة ، والروايات التي جاءت عن النبي عليه الصلاة والسلام هي : " وَرَفَعَ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَحْمَدُ اللَّهَ وَيَدْعُو بِمَا شَاءَ أَنْ يَدْعُوَ" ( مسلم حديث أبي هريرة ) ، وفي حديث جابر في مسلم : "فَوَحَّدَ اللَّهَ وَكَبَّرَهُ وَقَالَ « لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كَلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ أَنْجَزَ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ ». ثُمَّ دَعَا بَيْنَ ذَلِكَ قَالَ مِثْلَ هَذَا ثَلاَثَ مَرَّاتٍ " ، و الجمع بين الروايات ، قال ابن عثيمين :" يقول الله أكبر وهو رافع يديه كرفعهما في الدعاء ثلاث مرات، ويقول ما ورد ومنه: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ثم يدعو بما أحب، ثم يعيد الذكر مرة ثانية، ثم يدعو بما أحب ثم يعيد الذكر مرة ثالثة"[18]
2- ابن مسعود رضي الله عنه كان يقول في بطن الوادي : " رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ، إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعَزُّ الْأَكْرَمُ .[19]
-3 ومن السنة إطالة القيام على الصفا والمروة للدعاء ، قال نافع : واصفا قيام ابن عمر لولا الحياء منه لجلست _ أي من طول القيام _ ،عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: " كَانُوا يَقُومُونَ عَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ قَدْرَ مَا يَقْرَأُ الرَّجُلُ عِشْرِينَ أَوْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ آيَةً مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ " ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّهُ " كَانَ يُحِبُّ إِذَا قَامَ عَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْبَيْتَ حَيْثُ يَرَاهُ ثُمَّ يَكُونَ قِيَامُهُ فِي الدُّعَاءِ وَالتَّكْبِيرِ قَدْرَ سُورَةِ النَّجْمِ أَوْ نَحْوِهَا " الفاكهي وابن أبي شيبة.
4- اللهم اغفر وارحم أنت الأعز الأكرم " .[20] ابن عمر وفيه انقطاع .
5- إِنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا كَانَ يَدْعُو عَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ: " اللهُمَّ اعْصِمْنِي بِدِينِكَ وَطَوَاعِيَتِكَ وَطَوَاعِيَةِ رَسُولِكَ، وَجَنِّبْنِي حُدُودَكَ ، اللهُمَّ اجْعَلْنِي مِمَّنْ يُحِبُّكَ وَيُحِبُّ مَلَائِكَتَكَ وَرُسُلَكَ وَعِبَادَكَ الصَّالِحِينَ، اللهُمَّ حَبِّبْنِي إِلَيْكَ وَإِلَى مَلَائِكَتِكَ وَإِلَى عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ، اللهُمَّ يَسِّرْ لِي لِلْيُسْرَى ، وَجَنِّبْنِي لِلْعُسْرَى، وَاغْفِرْ لِي فِي الْآخِرَةِ وَالْأُولَى، اللهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ أَئِمَّةِ الْمُتَّقِينَ، وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ، وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يَبْعَثُونَ " [21].
6- أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا وَهُوَ عَلَى الصَّفَا يَدْعُو يَقُولُ: " اللهُمَّ إِنَّكَ قُلْتَ: { ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ } وَإِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ، وَإِنِّي أَسْأَلُكَ كَمَا هَدَيْتَنِي لِلْإِسْلَامِ أَنْ لَا تَنْزِعَهُ مِنِّي حَتَّى تَوَفَّانِي وَأَنَا مُسْلِمٌ "[22] .

*- خامسا : الأذكار الواردة في الوقوف بعرفة
- قال جابر : ...ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- حَتَّى أَتَى الْمَوْقِفَ فَجَعَلَ بَطْنَ نَاقَتِهِ الْقَصْوَاءِ إِلَى الصَّخَرَاتِ وَجَعَلَ حَبْلَ الْمُشَاةِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ "[23] ومن الفوائد :
* : مشروعية استقبال القبلة ،كما في هذا الحديث ، وثبت من فعل ابن عمر[24] .
* : استحباب رفع اليدين ، قال أسامة بن زيد : كنت رديف النبي صلى الله عليه و سلم بعرفات : فرفع يديه يدعو فمالت به ناقته فسقط خطامها فتناول الخطام بإحدى يديه وهو رافع يده الأخرى "[25] ، ولفعل ابن عمر ، ولأنه الأصل في الدعاء .
* :أن النبي صلى الله عليه وسلم- وقف بعرفة راكبا من العلماء من استحب الوقوف راكبا اقتداء بالنبي عليه الصلاة والسلام ،وفصل شيخ الإسلام أبو العباس فقال : أنه يختلف باختلاف الناس ، فينظر الإنسان ماهو أخشع وانفع واحضر لقلبه فيفعله ، فيكون يختلف با اختلاف الناس .

الأذكار المشروعة في يوم عرفة :
1- الدعاء : " خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي : لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
- قال ابن عبدالبر : " ويستدل بهذا الحديث على أن دعاء عرفة مجاب كله في الأغلب إن شاء الله إلا للمعتدين في الدعاء بما لا يرضي الله "
- قال ابن الصلاح : " قال الشافعي : أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة ، قال ابن الصلاح : " فينبغي أيضا أن لايعرج حينئذ على غير الدعاء ، والتضرع والابتهال ، والذكر والبكاء ... "[26] .
2- قول : " لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" للحديث المتقدم .
3- التلبية والتكبير : - عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِى غَدَاةِ عَرَفَةَ فَمِنَّا الْمُكَبِّرُ وَمِنَّا الْمُهَلِّلُ فَأَمَّا نَحْنُ فَنُكَبِّرُ .. "[27]
قال القرطبي : بل ولا نعلم خلافًا في جواز ذلك ؛ مع أن التلبية أفضل في الحج والعمرة إلى وقت قطعها. [28] وقال ابن باز : والتلبية أفضل، وكونه أقرهم يدل على أن الأمر واسع.[29]
4- وله أن يلبي وهو جالس فيها ، ثبت من فعل عمر[30] وابن مسعود[31] وابن عباس [32]رضي الله عنهم ، وعموم " لم يزل يلبى حتى الجمرة " يشمله ، خلاف لمن قال من أهل العلم أن التلبية لا تشرع للحاج إلا عند التنقل بين المشاعر .
5- ولو زاد في التلبية أحيانا في يوم عرفة " إنما الخير خير الآخره " لقول ابن عباس رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم وقف بعرفات فلما قال لبيك اللهم لبيك قال إنما الخير خير الآخرة " [33]
6- وإن دعاء بما جاء عن ابن عمر فهو حسن أنه كان يقول عشية عرفة يرفع صوته : لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير اللهم اهدنا بالهدى وزينا بالتقوى واغفر لنا في الآخرة والأولى ثم يخفض صوته ثم يقول اللهم إني أسألك من فضلك وعطائك رزقا طيبا مباركا اللهم إنك أمرت بالدعاء وقضيت على نفسك بالاستجابة وأنت لا تخلف وعدك ولا تكذب عهدك اللهم ما أحببت من خير فحببه إلينا ويسره لنا وما كرهت من شيء فكرهه إلينا وجنبناه ولا تنزع عنا الإسلام بعد إذ أعطيتنا " [34]
6-: فلما صلى العصر وقف بعرفة فجعل يرفع يديه أو قال : يمد ، قال : ولا أدري لعله قد قال : دون أذنيه وجعل يقول : " الله أكبر ولله الحمد الله أكبر ولله الحمد لا إله إلا الله وحده له الملك وله الحمد ، اللهم اهدني بالهدى ووفقني بالتقوى واغفر لي في الآخرة والاولى ، ثم يرد يديه فيسكت كقدر ما كان إنسان قارئا بفاتحة الكتاب ، ثم يعود فيرفع يديه ويقول مثل ذلك ، فلم يزل يفعل ذلك حتى أفاض.[35]

* - سادسا : الأذكار الواردة قي الوقوف بمزدلفة :
- قال جابر رضي الله عنه ".. وَدَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَقَدْ شَنَقَ لِلْقَصْوَاءِ الزِّمَامَ حَتَّى إِنَّ رَأْسَهَا لَيُصِيبُ مَوْرِكَ رَحْلِهِ وَيَقُولُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى « أَيُّهَا النَّاسُ السَّكِينَةَ السَّكِينَةَ ». كُلَّمَا أَتَى حَبْلاً مِنَ الْحِبَالِ أَرْخَى لَهَا قَلِيلاً حَتَّى تَصْعَدَ حَتَّى أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ فَصَلَّى بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا شَيْئًا ثُمَّ اضْطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ وَصَلَّى الْفَجْرَ - حِينَ تَبَيَّنَ لَهُ الصُّبْحُ - بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ حَتَّى أَتَى الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَدَعَاهُ وَكَبَّرَهُ وَهَلَّلَهُ وَوَحَّدَهُ فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى أَسْفَرَ جِدًّا فَدَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ.. "[36]
- قال في المغني : وللمزدلفة ثلاثة أسماء : مزدلفة ، وجمع ، والمشعر الحرام " . وسميت مزدلفة بذلك من الزلف : وهو التقرب ، لأن الحجيج إذا أفاضوا من عرفات ازدلفوا إليها أي تقربوا ومضوا إليها ، وتسمى جمعا لاجتماع الناس بها ، وتسمى بالمشعر الحرام

- من الأذكار الواردة فيها مايلي :
1- : التلبية في الطريق وبعد الوصول والمكث فيها ، لقول الفضل بن عباس : " لم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة "
2- ذكر الله والتكبير ويذكر الله لأنه في زمن السعي إلى شعائره قال في المغني[37] : وهو في هذا الوقت أشد تأكيدا لقوله تعالى : " فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم " ولأنه زمن الاستشعار والتلبيس بعبادته والسعي إلى شعائره .1 وقال :أبو الشعثاء سليم بن أسود أن ابن عمر : " حين دفع من عرفة أنه لم يفتر من التهليل والتكبير حتى أتى المزدلفة " .[38]
3- والسنة خلط الدعاء بالذكر " فوحد الله وكبره ودعا"
4- والسنة إذا أصبح أن يقف عند المشعر الحرام ، إن أمكنه، وإلا وقف في أي مكان ، " قَدْ وَقَفْتُ هَاهُنَا، وَالْمُزْدَلِفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ " ، ويستقبل القبلة ويدعو حتى يسفر جدا ثم ينصرف .
5- ولو أراد التعجل وانصرف من الليل ، فإن السنة أن يأتي المشعر الحرام ويدعو عنده ثم ينصرف ، قَالَ سَالِمٌ : وَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا يُقَدِّمُ ضَعَفَةَ أَهْلِهِ فَيَقِفُونَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ بِالْمُزْدَلِفَةِ بِلَيْلٍ فَيَذْكُرُونَ اللهَ مَا بَدَا لَهُمْ ثُمَّ يَرْجِعُونَ قَبْلَ.. . رواه البخاري
6- وظاهر السنة أن الجمع في مزدلفة يكون بآذان واحد واقامتين ، كما في حديث جابر ، ولو جمع أحيانا بآذنين واقامتين فقد جاء عن عمر بن الخطاب[39] وابن مسعود[40] من فعلهما .

*- سابعا : الأذكار الواردة في رمي الجمار
عن ابن عباس رضي الله عنهما رفعه إلى النبي ' قال :" لما أتى إبراهيم خليل الله المناسك عرض له الشيطان عند جمرة العقبة فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض ، ثم عرض له عند الجمرة الثانية فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض ، ثم عرض له عند الجمرة الثالثة فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض " 0قال ابن عباس : الشيطان ترجمون ، وملة أبيكم إبراهيم تتبعون 0الحديث عند احمد وغيرة جاء من عدة طرق وبألفاظ مختلفة وأسانيدها من حيث الجملة جياد وبعضها مرفوع، ومنها ماهو موقوف 0

المسالة الأولى : الحكمة من رمي الجمار وكونها سبعا :[41]
أولاً: أنها قدوة بأبينا إبراهيم الخليل عليه السلام حين اعترض له إبليس في هذه المواقف، ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم حين شرع ذلك لأمته في حجة الوداع.
ثانياً: إقامة ذكر الله وإعلانه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما جعل الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله) .
ثالثاً: التقيد بالعدد سبعة له حكمة عظيمة وهي التذكير بما شرع الله من هذا العدد ترمى بسبع حصيات كالطواف سبعاً، والسعي سبعاً، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أوتروا فإن الله وتر يحب الوتر) وله سبحانه وبحمده حكم كثيرة فيما يشرع لعباده قد يعلمها العباد أو بعضها وقد لا يعلمونها، لكنهم موقنون بأن الله سبحانه حكيم عليم، لا يفعل شيئاً ولا يشرع شيئاً عبثاً.
رابعاً: أن الدين الإسلامي دين امتثال لأمر الله، وأن المسلم مأمور بالعبادة حسب النص التشريعي ولو خفيت عليه الأسرار.
خامساً: رمي الجمار يشعر المسلم بالتواضع والخضوع في امتثال الأمر في حالة الأداء كما أنه يعود الفرد المسلم على النظام والترتيب في المواعيد المحددة والمواظبة على ذلك في ذهابه لرمي الجمار.
سادساً: الاحتفاظ بالحصيات وعدم وضعها في غير مكانها يشعر المسلم بأهمية المحافظة على ما شرع ربه وعدم الإسراف ووضع الأمور في مواضعها من غير تبذير ولا زيادة أو نقص.

المسألة الثانية : من الأذكار الواردة في الرمي :
1- قول الله اكبر ، صح عن النبي كما في حديث جابر في مسلم 0
2- " اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حجًّا مبرورًا ، وذنبًا مغفورًا "[42] .
جاء عن ابن عمر من قوله ، من طريقين فيهما ضعف يسير، لعله ينجبر أحدهما بالآخر ، وقال إِبْرَاهِيم : «كَانُوا يحبونَ للرجل إِذا رَمَى الْجمار أَن يَقُول : اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حجًّا مبرورًا ، وذنبًا مغفورًا . قَالَ : قلت : أَقُول ذَلِك عِنْد كل جَمْرَة ؟ قَالَ : نعم ، إِن شِئْت»[43]
3- الدعاء : والسنة بعد رمي الصغري والوسطى أن يقف ويرفع يديه ويدعو ويطيل الدعاء لحديث " عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ كَانَ يَرْمِي الْجَمْرَةَ الدُّنْيَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ عَلَى إِثْرِ كُلِّ حَصَاةٍ ثُمَّ يَتَقَدَّمُ حَتَّى يُسْهِلَ فَيَقُومَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ فَيَقُومُ طَوِيلًا وَيَدْعُو وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ ثُمَّ يَرْمِي الْوُسْطَى ثُمَّ يَأْخُذُ ذَاتَ (بِذَاتِ) الشِّمَالِ فَيَسْتَهِلُ (فَيُسْهِلُ) وَيَقُومُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ فَيَقُومُ طَوِيلًا وَيَدْعُو وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ وَيَقُومُ طَوِيلًا ثُمَّ يَرْمِي جَمْرَةَ ذَاتِ الْعَقَبَةِ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا ثُمَّ يَنْصَرِفُ فَيَقُولُ هَكَذَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُهُ .
4- وظاهر السنة استحباب إطالة الوقوف والدعاء ، ومما جاء عند الصحابة في هذا الباب :
قال : سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، يَقُولُ: " كَانُوا يَقُومُونَ عِنْدَ الْجَمْرَتَيْنِ بِقَدْرِ قِرَاءَةِ سُورَةِ الْبَقَرَ ة". [44] ، وجاء عن ابن عباس انه كان يقوم بقدر سورة البقرة ، وفي رواية اخرى بقدر سورة يوسف ، ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: حَزَرْتُ قِرَاءَتِي بِقِيَامِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عِنْدَ الْجَمْرَتَيْنِ بِقَدْرِ سُورَةٍ مِنَ الْمِئِينَ " 0[45]
وقال ابو مجلز قَالَ: رَمَيْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: فَحَزَرْتُ قِيَامَهُ، فَكَانَ قَدْرَ سُورَةِ يُوسُفَ " [46] .
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْأَسْوَدِ بْنِ خَلَفٍ الْخُزَاعِيُّ قَالَ: أَدْرَكْتُ النَّاسَ يَتَزَوَّدُونَ الْمَاءَ فِي الْإِدَاوَا إِذَا ذَهَبُوا يَرْمُونَ الْجِمَارَ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ عِنْدَ الْجَمْرَتَيْنِ "[47].
مسألة : هل يستحب أن يقصد الجهه اليمنى بعد الرمي للدعاء : في حديث ابن عمر بعد الجمرة الأولى قال " يَتَقَدَّمُ حَتَّى يُسْهِلَ " ليس فيه تحديد ،وبعد الجمرة الوسط قال : ذَاتَ (بِذَاتِ) الشِّمَالِ فَيَسْتَهِلُ " من الشراح من قال استحباب اخذ ذات اليمين لهذا اللفظة ، والأكثر على أن المقصود بهذا أن ياخذ مكانا سهلا لايتاذي هو ولا يؤذي الرماة بل يكون مكانا سهلا بعيد عن الإيذاء وهذا اصح قاله ابن عثيمين . [48]
* فائدة : قال : عَطَاءً الْخُرَاسَانِيَّ، " يُغْفَرُ لِلْحَاجِّ بِكُلِّ حَصَاةٍ مِنْ حَصَى الْجِمَارِ كَبِيرَةٌ مِنَ الْكَبَائِرِ "
5- وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: ثنا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: ثنا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: " كَانُوا إِذَا قَضَوْا حَجَّهُمْ تَصَدَّقُوا بِشَيْءٍ، وَيَقُولُونَ: اللهُمَّ هَذَا عَمَّا لَا نَعْلَمُ "
6- وقد أخرج ابن أبي شيبة عن الإمام الشعبي قال: ( إنما جَعَل الله هذه المناسك ليكفِّر بها خطايا بني آدم) اهـ. مصنف ابن أبي شيبة ج:3 ص:415

* - ثامنا : الذكر عند ذبح الهدي
1- " بسم الله " والله أكبر ، لحديث : عَنْ أَنَسٍ قَالَ ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ وَسَمَّى وَكَبَّرَ وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا " والتسمية واجبة ، وأما التكبير فهو سنة ، ومناسبته هنا واضحة ، لأن الذبح تعظيم لله تعالى بالفعل ، والتكبير تعظيم لله بالقول .
2- " اللهم تقبل مني " لحديث عائشة في مسلم : " ثُمَّ ذَبَحَهُ ثُمَّ قَالَ « بِاسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ». ثُمَّ ضَحَّى بِهِ. " , قال : ابن عثيمين [49]والدعاء بالقبول لا يشرع بعد كل عبادة ، إنما يكون فيما ورد به النص .
ولوقيل أن الدعاء بالقبول على سبيل العموم مشروع ، " ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم "ولأنه جاء عن السلف ،ولكن بدون تقييده بوقت أو مكان واعتقاد مشروعيته بذلك .
3- " اللهم منك ولك " ثبتت عن ابن عباس من قوله بسند صحيح [50]. وجاءت في أحاديث مرفوعة عن النبي ، في أسانيدها ضعف بمفردها ، من أهل العلم من احتج بها وقواها بتعدد طرقها، وقوى العمل بها بثبوتها عن ابن عباس .

* - تاسعا : الدعاء دخول المسجد الحرام :
1- تقديم الرجل اليمنى : لحديث معاوية بن قرة يحدث عن أنس بن مالك أنه كان يقول : من السنة إذا دخلت المسجد أن تبدأ برجلك اليمنى و إذا خرجت أن تبدأ برجلك اليسرى "، أعله البيهقي فقال : تفرد به شداد بن سعيد أبو طلحة الراسبي وليس بالقوي .[51] ولعل تنكب البخاري إخراجه بعد أن بوب على استحباب تقديم الرجل اليمنى في الدخول إشارة إلى إعلاله . وجاء عن ابن عمر من فعله خرجه البخاري معلقا .ويقوي مشروعيته عموم حديث عائشة :كان يعجبه التيامن في كل شي ... " :
2- ، وتقول : " اللهم افتح لي أبواب رحمتك " [52]. " أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم " [53].
3- رفع اليدين عند رؤية الكعبة : إن قيل بثبوته فقد جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما من فعله [54]، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم هنا دعاء خاص ، فيدعو بما تيسر له ، وإن دعا بدعاء: " اللهم أنت السلام ومنك السلام فحينا ربنا بالسلام " ،[55] فَحَسَن ، والأقرب أنه من دعاء سعيد بن المسيب .[56] اهـ .

* - عاشرا : التكبير المطلق والمقيد
أولا : فضائل التكبير :
*- قال الله تعالى : "وربك فكبر "
*- " وكل تكبيرة صدقة ".
*- " ومن قال الله أكبر، كتب له عشرون حسنة ، ومحيت عنه عشرون سيئة " .[57]
*- ومن عظمة هذا الذكر أن الصلاة تفتتح به، وأن النداء إليها يفتتح بها ويختتم بها، كما أن الصلاة في نهيتها يكون الاستغفار والتهليل والتسيبح والتحميد والتكبير، والطواف بالبيت يفتتح بالتكبير، ورمي الجمار السنة فيه التكبير مع كل جمرة، وعند الصفا وكذلك المروة يفتتح الدعاء بالتكبير ثلاثا، وعند الذبح تقول: بسم الله، والله أكبر.
ثانيا : صفة التكبير:
لم يثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم صفة معينة في التكبير، وإنما ثبت عن صحابته رضي الله عنهم في ذلك عدة صفات:
- الصفة الأولى" : الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيرا" [58]: عن سلمان الفارسي رضي الله عنه من قوله .
- الصفة الثانية : الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد[59]: عن عبدالله بن مسعود من قوله .
- الصفة الثالثة: الله أكبر كبيرا، الله أكبر كبيرا، الله أكبر وأجل، الله أكبر ولله الحمد : عن عبدالله بن عباس من قوله . .[60].هذا ما وقفت عليه مما ثبت عن الصحابة رضي الله عنهم في هذه المسألة. فينبغي للإنسان في هذه العشر أن يكثر من التكبير، وإذا التزم بهذه الصفات التي ثبتت عن الصحابة فهذا أحسن وأكمل؛ لأن الذي يغلب على الظن أن الصحابة رضي الله عنهم قد أخذوا هذا عن الرسول.
المسالة الثالثة : وقت التكبير :
بالنسبة للتكبير في الأضحى فيه مطلق ومقيد :
فالمطلق : يبدأ من دخول عشر ذي الحجة إلى غروب الشمس آخر يوم من أيام التشريق ، لقوله تعالى : " واذكروا الله في أيام معلومات " ، ولفعل ابن عمر وأبي هريرة : "حُمَيْدٌ الْأَعْرَجُ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: " كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا يَخْرُجَانِ أَيَّامَ الْعَشْرِ إِلَى السُّوقِ، فَيُكَبِّرَانِ، فَيُكَبِّرُ النَّاسُ مَعَهُمَا، لَا يَأْتِيَانِ السُّوقَ إِلَّا لِذَلِكَ "[61] ، وقال : ثَابِتٍ، قَالَ: " كَانَ النَّاسُ يُكَبِّرُونَ أَيَّامَ الْعَشْرِ حَتَّى نَهَاهُمُ الْحَجَّاجُ " وَالْأَمْرُ بِمَكَّةَ عَلَى ذَلِكَ إِلَى الْيَوْمِ، يُكَبِّرُ النَّاسُ فِي الْأَسْوَاقِ فِي الْعَشْرِ" [62]. ولحديث :نُبَيْشَةَ الْهُذَلِىِّ قَالَ: قَالَ : رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ »[63].
والمقيد للمحرم : فالمشهور أنه يبدأ من بعد صلاة الظهر يوم النحر إلى آخر يوم من أيام التشريق ،لأن المحرم قبل هذا الوقت مشغول بالتلبية ، نقله أحمد عن سفيان واستحسنه . قال ابن رجب : " فاتفق العلماء على أنه يشرع التكبير عقيب الصلوات في هذه الأيام في الجملة ، وليس فيهِ حديث مرفوع صحيح ، بل إنما فيهِ آثار عن الصحابة ومن بعدهم ، وعمل المسلمين عليهِ " .[64]
وعلى فيقال : ويجتمع المطلق والمقيد للمحرم : من ظهر يوم النحر إلى آخر يوم من أيام التشريق . ومن أهل العلم من رأى أن المحرم والمحل سواء في ابتداء التكبير المقيد يعني يبدأ: من فجر عرفة ، لأنها جاءت أدلة تدل على أن المحرم يكبر في يوم عرفة " : وعن مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الثَّقَفِيُّ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَنَحْنُ غَادِيَانِ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَاتٍ عَنْ التَّلْبِيَةِ كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَانَ يُلَبِّي الْمُلَبِّي لَا يُنْكَرُ عَلَيْهِ وَيُكَبِّرُ الْمُكَبِّرُ فَلَا يُنْكَرُ عَلَيْهِ " [65] ولأنه ظاهر المنقول عن بعض الصحابة التكبير يوم عرفة ، " عن عكرمة عن ابن عباس أنه كان يكبر من صلاة الفجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق.. " [66]. عاصم بن ضمرة عن علي : "أنه كان يكبر يوم عرفة صلاة الفجر إلى العصر من آخر أيام التشريق يقول: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد" [67] ، وهذه الآثار تحتمل أنها للمحل وكذا للمحرم ، فورود الاحتمال فيها مع ظاهر المرفوع يقوي هذا القول . والله أعلم .
مسالة : متى يبدأ بالتكبير المقيد : فيها أقوال ، أقواها : أن يكبر بعد الاستغفار ، وقول : " اللهم أنت السلام ... " لأن الاستغفار و " اللهم أنت السلام ... " ألصق بالصلاة من التكبير ، فإن الاستغفار يسن عقيب الصلاة مباشرة ، لأن المصلي لا يتحقق أنه أتقن الصلاة ؛ بل لا بد من خللٍ ولا سيما في وقتنا هذا . وهو اختيار محمد بن إبراهيم[68] ، سعيد بن حجي[69] –، وابن عثيمين . [70]