المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حكم جبران خليل جبران


سوار ديزاين
11-30-2021, 11:04 PM
حكم جبران خليل جبران

هذه القصيدة التي كتبها جبران في شبابه، تعتبر عملاً فلسفياً متكاملاً، ناقش فيه عدة أفكارٍ ومفاهيم، تتعلق بالحياة اليومية والحياة العامة، بأسلوبه الرومانسي وموسيقاه العذبة، منها:

وما السَّعادةُ في الدُّنيا سوِى شّبحٍ يُرجى فإنْ صارَ جِسماً مِلهُ البَشرُ

كالنهرِ يرِكضُ نِحو السَّهلِ مُكتَدحاً حتى إذا جَاءَهُ يُبطِي ويَعتَكِرُ

لمْ يَسعد النَاسُ إلا في تَشوُّقِهمْ إلى المنيعِ فإنْ صاروا بِهِ فَتَروا

فإنْ لَقيتَ سَعيداً وهو مُنصَرفٌ عن المنيعِ فقُل في خُلقهِ العِبرُ

يستهل جبران قصيدته بحكمته عن الخير والشر

الخيرُ في النَاسِ مَصنوعٌ إذا جُبِروا والشَرُّ في النَاسِ لا يَفنى وإِنْ قُبِروا

وأكثرُ النَاسِ آلاتٌ تُحرِكُها أصابِعُ الدَّهرِ يَوماً ثُمَّ تَنكسِرُ

فلا تَقولنَّ هذا عَالِمٌ علمٌ ولا تَقولنَّ ذاكَ السَيدُ الوَقرُ

فأفضَلُ النَاسِ قُطعانٌ يَسيرُ بِها صَوتُ الرُعاةِ ومَن لمْ يَمشِ يَندثرُ

حكم جبران عن الموت

و الموتُ في الأرضِ لابنِ الأرضِ خَاتمةٌ و للأثيرِيّ فَهوَ البِدءُ و الظَفرُ

فمَنْ يُعانِقُ في أحلامِهِ سِحراً يَبقى ومَنْ نَامَ كلَّ اللَّيلِ يَندثِرُ

ومَنْ يُلازمْ ترباً حالَ يَقَظتِهِ يُعانقُ التُّربَ حَتى تَخمدَ الزهرُ

فالموتُ كالبحرِ, مَنْ خفَّت عَناصِرُهُ يَجتازُهُ, و أخو الأثقالِ يَنحَدِرُ

التأمل عند جبران

يبني جبران قصيدته على التأمل والدعوة له، حيث يقارن بين حياة الغابات الخالية من الهموم الآدمية، و الحياة الإنسانية التي فيها الشرُّ والخير.

كما يضيف مقاطعَ تدعوا إلى التفكر، والتأمل العميق، كفواصل بين مواضيع قصيدته الطويلة، أشهرها:

لَيسَ في الغَاباتِ موتٌ لا ولا فِيها القُبورْ/ فإذا نَيسانُ وَلىَّ لمْ يُمتْ مَعهُ السُّرورْ

إنَّ هولَ المَوتِ وَهمٌ يَنثني طيَّ الصُّدورْ/ فالَّذي عاشَ رَبيعَاً كالَّذي عاشَ الدُّهورْ

أعطني الناي وغنِّ فالغُنا سِرُّ الخلودْ/ وأنينُ الناي يَبقى بَعدَ أنْ يَفنى الوجودْ

أعطني الناي وغنِّ وانسَ ما قُلتُ وقُلتَ/ إنما النُطقُ هَباءٌ فأفدْني ما فَعلتَ

هلْ تخذتَ الغابَ مِثلي مَنزِلاً دونَ القُصورْ/ فتَتَبعتَ السَواقِي وتَسَلقتَ الصُخورْ

هلْ تَحممتَ بِعطرٍ وتَنشفْتَ بِنورْ/ وشَربتَ الفَجرَ خَمراً في كُؤوسٍ مِنْ أثيرْ

هلْ جَلستَ العَصرَ مِثلي بينْ جفناتْ العِنبْ/ والعنَاقِيدُ تدلَّتْ كثُرياتِ الذَّهبْ

فهي للصادِي عُيونٌ ولمنْ جاعَ الطَعامْ/ وهي شَهدٌ وهي عِطرٌ ولمنْ شَاءَ المُدامْ

هلْ فَرشتَ العُشبَ ليلاً وتَلحفتَ الفضا/ زاهداً في ما سَيأْتي نَاسياً ما قد مضى

و سكوتُ اللَّيلِ بَحرٌ مَوجهُ في مَسمَعِكْ/ وبصَدرِ اللَّيلِ قَلبٌ خَافِقٌ في مَضجعِكْ

أعطني الناي و غنِّ و انسَ داءً و دَواءْ/ إنَّما النَاسُ سطورٌ كُتِبَتْ لكن بِمَاءْ

ليتَ شِعري أي نَفعٍ في اجتماعٍ وزحامْ/ وجِدالٍ وضجيجٍ واحتِجاجٍ وخِصامْ

كلُّها أنفاقُ خُلدٍ وخُيوطُ العَنكَبوتْ/ فالَّذي يحيا بِعجزٍ فهو في بُطءٍ يَموتْ