المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خلق مهارة اتخاذ القرار لدى طفلك


سوار ديزاين
11-10-2021, 09:25 AM
خلق مهارة اتخاذ القرار لدى طفلك

باعتباركِ أماً لطفل أو طفلين أو أكثر فهناك الكثير من المهارات التي يتوجب عليك تعليمها لأطفالك وزرعها في شخصيتهم لكي تضمني لهم قوة الشخصية وثباتها وصقلها بشكل رائع، ومن هذه المهارات المهمة مهارة اتخاذ القرار لدى الطفل،

فنعاني في بلادنا العربية كثيراً من إهمال هذه المهارة، وممارستها مع أطفالنا بشكل خاطئ مما يؤدي إلى نتائج عكسية لا نريدها، كما أنها تؤدي إلى ضعف في شخصية طفلنا والحصول على طفل أو شخص ضعيف متردد يخاف من تحمل المسؤولية.
ما هي خلق مهارة اتخاذ القرار لدى طفلك؟

إن مهارة اتخاذ القرارات هي قدرة طفلك على مواجهة الحياة بشكل قوي، والاعتماد على نفسه، وقدرته على التفكير بشكل منطقي والموازنة ما بين الاختيارات المتاحة أمامه، ومن ثم اختيار ما هو مناسب له والقرار في ذلك وتحمل نتيجة هذا القرار.

فأنتِ كأم لا بد أنك تتمنين لابنك أن يكون ناجحاً في حياته وبارزاً فيها بشكل إيجابي، ومن أساسيات النجاح في الحياة هي القدرة على اختيار القرار ومساعدة طفلك في ذلك وتعليمه وتمرينه وممارسة هذه المهارة معه لحين إتقانها بشكل تام، فمن سمات الأشخاص الناجحين القدرة على اتخاذ القرار، وبذلك يجب توفير الطرق المناسبة لممارسة هذه المهارة لطفلك.

غير أن ذلك لا يتم بين ليلة وضحاها وإنما هناك خطوات وآليات يجب عليكِ اتباعها فتابعي معنا.
خطوات تعلم مهارة اتخاذ القرارات:

يجب أولاً أن نتفق أن هذه المهارة يجب أن نصقلها في شخصية طفلك بالتدريج، والسؤال هو متى يمكن لطفلي أن يتعلم هذه المهارة الرائعة؟؟

إن الطفل من مجرد أن يتفوه بكلمة (لا) بأي لغة كانت فهذه إشارة على أنه أصبح يريد إبراز شخصيته وصنع مواقفه، وإثبات ذاته أمام أهله، ولا ننكر أن معظم الأطفال فإن من أوائل الكلمات التي يتعلموها هي هذه الكلمة.

فمتى لاحظتِ على طفلك قول كلمة (لا) فهذا هو الوقت المناسب لتعلم هذه المهارة وزرعها في طفلك.

وكما قلنا فإن ذلك يتم بالتدريج، فيمكنك أولاً عرض أنواع من الفاكهة عليه ليختار بينها كالتفاح والعنب مثلاً، أو الاختيار بين قطعتين من الحلوى، فأنت بذلك تفسحين له المجال لكي يفكر بين خيارين أمامه ويختار ويقرر حول المناسب له بالفعل.

كما يمكنك عرض لعبتين أمامه ليختار اللعب من بينها.

وعندما يكبر قليلاً يمكنك عند شراء ملابسه إشراكه في القرار، فتقومين باختيار قطعتين أو ثلاثة ومن ثم الاختيار فيما بينها، مع توضيح سلبيات وإيجابيات كل قطعة من حيث الخامة واللون والقياس، وتقومين بتوضيح المسؤولية الكاملة عليه وأنك غير مسؤولة عن عدم إعجابه به في المستقل لو لم يسغ له اختياره.

كذلك عند شراء الألعاب كثيراً ما يسأل الأطفال أمهاتهم أي لعبة اختار؟؟ فتقومين عندئذ باكتساب هذه الفرصة وجعله يختار بين لعبتين مثلاً وتوضيح ما لكل واحدة منها من إيجابيات وسلبيات من حيث الاستخدام والكفاءة والمتانة والاستفادة منها، وبعد أن تجعليه على بينة من أمره تتركين له الخيار في القرار بنفسه وشراء ما يحب.

هذه الآلية والاستراتيجية التي تقومين باتباعها مع أطفالك سوف تجعل منهم أشخاصاً بالغين أسوياء، يتمتعون بالكفاءة العقلية، والقدرة على الاختيار في المواقف المناسبة، وتجعل منهم أشخاصاً ذو شخصية قوية قادرة على إثبات نفسها، فيكون طفلك في المستقبل قادر على اختيار التخصص الدراسي والجامعي المناسب له، وكذلك الأمر المهنة المناسبة له فيما بعد،

ثم اختيار شريك الحياة المناسب له، واختيار الهواية المحببة له، واختيار النمط الغذائي الذي يريد اتباعه في حياته واختيار أصدقاءه وغيرها الكثير من الشؤون الخاصة بحياته، وبذلك أصبح طفلك الصغير هذا مسؤولاً عن حياته وعن كل ما يخصه فيها.

فمهارة اتخاذ القرار هو جزء لا يتجزأ من تحمل المسؤولية، فيجب تحميل طفلك واجبات ومسؤوليات عليه القيام بها باستمرار، كترتيب غرفته الخاصة به.

وبإملاء هذه المسؤولية عليه يجب تحديد النتيجة التي تريديها منه بالتحديد، وهي مثلاً أن يقوم بترتيب سريره وترتيب ألعابه، وتوضيب ملابسه جيداً، وإغلاق الأنوار عند عدم الحاجة لها، كل ذلك يجعل منه شخصاً مسؤولاً قادراً على الاعتماد على نفسه دون الحاجة إلى أهله في كل شيء.

وذلك مثلما تقومين بإملاء التعليمات على مزارع مزرعتك الخاصة بك مثلاً، فتحمليه مسؤولية تقليم الأشجار، وزراعة الأزهار ، وسقايتها وسقاية الأشجار، وتنظيف الحديقة، والاعتناء بحمام السباحة، وبذلك تقومين بطلب كل المهمات التي عليه وتوضحيها له وتحددي النتيجة التي تريدي الوصول لها ورؤيتها في النهاية.

وهناك من الأمهات من تكون في عجلة من أمرها فتريد أن ترى النتيجة التي تريدها بسرعة أكبر من قدرات طفلها وطاقته، فتراه لا يرتب غرفته بسرعة أو بالطريقة المتقنة المطلوبة فتقوم باستلام هذه المهمة بدلاً عنه ظناً منها بأن ذلك أفضل لسرعتها في أداء ذلك،

وقدرتها على إتقان الترتيب أكثر من طفلها، غير أنكِ بذلك تجعلين من طفلك شخصاً غير مسؤول ولا مبالي وتضعفي ثقته بنفسه، والأمر مماثل تماماً عندما تطلبين منه حلاً لمسألة ما أو وظيفة ما ولا تنتظرين عليه التفكير بالحلول الممكنة فتمسكين عنه القلم وتكتبين الحل وتمليه عليه، فبذلك أضعتِ فرصة التفكير عليه والبحث عن الحل المناسب.

فيجب أن تتركي له الوقت الكافي لإنجاز ما عليه إنجازه، ثم تقومين بإبداء ملاحظاتك التي لم تعجبك ليقوم بتحسينها وتفادي السيء منها في المرة المقبلة.



ماذا لو كان قرار طفلي خاطئاً أو له عواقب سيئة؟؟؟

من الأمور الفادحة التي تقومين بها عندما يخطئ طفلك في قراره هو أن تقومين بتوبيخه وتقريعه ولومه وانتقاده حول القرار الذي قام باتخاذه، فإنك بذلك تقومين بهدم كل ما قمتي ببنائه، وتجعلين منه شخصاً متردداً يهرب من تحمل المسؤولية ويلقيها عليكِ، ويتراجع في كل قرار يقوم باتخاذه أو يندم عليه، فيفقد ثقته بنفسه وقدرته على الوثوق بقراراته ومنطقه.

فيجب عندما يخطئ أن تناقشي المسألة معه لماذا حصل هذا الخطأ، هل ما فكر به كان سليماً أم لا، هل كان كاملاً يشمل جميع جوانب النتائج المحتملة أم ناقصاً، فهذا النقاش يفتح سبلاً أمامه للتفكير جديدة ومبتكرة، وبذلك يحاول تفاديها في الموقف التالي لاختياره.

فيجب عدم تعليم طفلك المثالية والملائكية وأنه لا يجب أن يتعرض للخطأ، وأن قراراته يجب أن تكون سليمة مئة بالمئة وصحيحة، بل يجب أن تكوني واقعية ومرنة في ذلك، فهذه التجارب والأخطاء كلها تساهم في بناء شخصيته وتعلمه فيما بعد، فيستفيد منها لاحقاً ويحاول تجنبها في المواقف اللاحقة، الأهم من هذا هو استيعاب طفلك ومناقشته وتفهم وجهة نظره وتوضيح الأمور الغائبة عنه.

فمهارة اتخاذ القرار مهارة في غاية الأهمية ويجب أن تكون مغروسة في أطفالنا اليوم، لنحصل على أشخاص ذو شخصية سوية في المستقبل فنشركهم في اختيار كل شيء في سفرة مثلاُ واختيار البلد المناسب، أو تعلم مهارة أو هواية محددة ومناقشة مضمونها وطرقها وإيجابياتها وسلبياتها، بل وحتى العقاب يجب إشراكه في الاختيار فتقولين له تريد عقابك الحرمان من التلفاز، أو الحرمان من الخروج في العطلة، أو الحرمان من المصروف.

فبذلك تزرعين وتمارسين اختيار القرارات في كل جميع أمور الحياة فتصبح نظام حياة كامل.