المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصص الصحابة والتابعين : زهد وتواضع وإيمان


سوار ديزاين
11-02-2021, 12:05 PM
قصص الصحابة والتابعين : زهد وتواضع وإيمان


قصص الصحابة والتابعين



الغرم بدل الغنم ( 1 )



كان سيدنا أبو بكر الصديق – رضي الله عنه – يأخذ من بيت المال ، وهو خليفة المسلمين ، وحاكم دولة واسعة الأطراف تشمل الجزيرة العربية ، وتتوغل في بلاد الشام غزوا وفتحا ما يكفي لقوته وقوت أسرته الصغيرة .

وكان تاجرا قبل أن يتولى الخلافة ، وشغلته الخلافة عن التجارة ، فاضطر إلى أن يأخذ من بيت المال ما يعوله وأهله ، لأنه لا يجد وقتا للتكسب والارتزاق ، وذلك في صالح المسلمين ، والانشغال بمهمات الخلافة ، وإدارة البلاد .

وكان الذي يأخذه من بيت المال يكفي لإقامة صلبه وصلب عياله من طعام ، من خبز وإدام ، لا تجد أم عياله سبيلا إلى التفنن فيه ، والتوسع في المطاعم كما يفعله من بسط الله له في الرزق من أغنياء الأسرة وأهل البلد .

وكانت الأسرة أحسن حالا وأنعم بالا حين كان سيد الأسرة – الصديق – يرتزق بالتجارة . وكان لأبي بكر أولاد صغار يعتمدون على ما يقيم صلبهم ، ويسد رمقهم من طعام متشابه ، لا يجدون ما يشبعون رغبتهم من حلوى وفاكهة كمن كان في سنهم من أبناء أسر المدينة الذين أغناهم الله ووسع لهم في الرزق ، وكانت لآبائهم حدائق ، وتجارات ، ومزارع .

شعرَتْ بذلك الأم الحنون وأرادت أن تُحليّ يوما أفواه الأبناء الصغار وتتسلى بالحلوى ، وهي بشر من البشر ، فقالت لزوجها العظيم أن يسمح لها بذلك يوما من الأيام ، ويزيد في راتبها من بيت المال ، فقال : إن بيت مال المسلمين – وفيهم فقراء وأهل خصاصة – لا يتسع لإشباع الرغبات ، والتنوع في المطاعم والمشارب .

فقالت : لو استفضلت من نفقتنا عدة أيام وبقيت لنا بقية ، هل هنالك مانع من أن نشتري بها حلوى ؟ .

قال : لا بأس بذلك ، وهذا يرجع إلى قدرتك وجهدك .

الغرم بدل الغنم ( 2 )



فاستفضلتْ زوج أبي بكر الصديق من نفقتها من عدة أيام ما يصلح لأن يشتري به حلوى ، وقدمت الدريهمات إلى أبي بكر ، وقالت : هاك دريهمات ، تستطيع أن تشتري بها لنا حلوى .

ولم يكن من شأن الصديق إلا أنه رد الدريهمات إلى بيت المال ، وقال لمن يلي أمره :

قد تحقق لدينا أن أسرتنا تستطيع أن تعيش وتقوت أعضاءها بأقل مما تتقاضى من بيت المال من الدريهمات ، فأسقط من نفقتنا كل يوم بقدر هذه الدريهمات ، فإنها كانت زائدة على حاجتنا ، وليس بيت مال المسلمين لتترفه به أسرة الخليفة وتتوسع به في المطاعم .

وهكذا كان ، فنقص من راتب كل يوم بقدر هذه الدريهمات ، وكان من حظ الأسرة السعيدة الصالحة – التي كان يحكم سيدها بلادا واسعة ، وتأتيه الغنائم والثروات من أطراف كثيرة – الغُرم بدل الغنم .

ولم تستطع أن تحقق رغبتها فيما اشتهته من حلوى ، بل اضطرت إلى أن تقنع براتب أقل مما كانت تناله كل يوم من بيت المال ، ورضيت السيدة زوج الصديق بما فعله زوجها العظيم ولم تعتبره غُرما وخسارة ، وصدق الله العظيم : ” الطيبون للطيبات ” ( النور 26 ) .

وضرب سيدنا أبو بكر مثالا لمن يلي أمر المسلمين ، ويفضل الزهد والقناعة على التوسع في المطاعم والمشارب ، وقضاء حاجات النفس ، ويرجح الآخرة على الدنيا .


قصص من حياة الصحابة والتابعين



قصة الصبي مع الخليفة العباسي



يروى أن المهدي الخليفة العباسي دخل الكعبة ، فوجد صبيا صغيرا في السادسة عشرة أو السابعة عشرة من عمره يلتف حوله أربعمائة شيخ كبير من أصحاب اللحي والهيبة والوقار ، والصبي يلقي عليهم درسا .

فتعجب المهدي وقال : أف لهذه السعانين – يعني الذقون – ، أما كان فيهم من يتقدم ؟ ثم دنا من الصبي يريد أن يقرعه ويؤنبه فقال له : كم سنك يا غلام ؟

فقال الصبي : سني سن أسامة بن زيد حينما ولاه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إمارة جيش فيه أبو بكر وفيه عمر ، فقال له المهدي – معترفا بذكائه وأحقيته لهذا الموقف : بارك الله فيك .

زهد أكبر حاكم في عصره ( 1 )



كان سيدنا عمر بن عبد العزيز – الخليفة الأموي الراشد – أكبر حاكم في عصره ، يحكم الشام ومصر والعراق ، والجزيرة العربية وإفريقية الشمالية الغربية وإيران وخراسان ، ووصلت مملكته إلى حدود الهند .

لما استخلف خرج من ماله وعقاره ، ورده إلى مال المسلمين ، ووضع حلي زوجته في بيت المال ، وبلغ من الزهد والشظف في الحياة ، والتقشف في المعيشة مبلغا يعجز عنه الزهاد فضلا عن الملوك والأمراء .

كان يتأخر في بعض الأحيان عن الخروج إلى صلاة الجمعة انتظارا لقميصه أن يجف ، وكانت نفقته اليومية لا تزيد على درهمين ، وكان يتورع عن تسخين الماء على مطبخ العامة .

كان يطفئ الشمعة التي زيتها من بيت المال إذا شغله أحد بالسؤال عن شخصه ، فقال : كيف أنت يا أمير المؤمنين وكيف عيالك ؟ أطفأ الشمعة وطلب شمعة يملكها ، أو رد على سؤال صديقه في الظلام .

دخل مرة في بيته ليزور أهله ويحييهم ، فرأى أن كل بنت من بناته إذا واجهته وحدثها ، تضع يدها على وجهها وتحدثه ، فسأل عن السبب في ذلك ، فاعتذرت إليه وحدثته أنها ما وجدت في البيت ما تأكله إلا عدسا وبصلا ، فهي تخاف أن تصل إليه رائحتها ، فقال :

يا بناتي ما ينفعكن أن تعشين الألوان ويمر بأبيكن إلى النار ؟ فسكتن ورضين بهذه الحياة الزاهدة المتقشفة وأبوهن أكبر حاكم في ذلك الزمان ، يتنعم عماله وكثير من أهل بلاده بالأطعمة اللذيذة والأقمشة الجميلة الغالية ، والحياة الرخية الناعمة .



زهد أكبر حاكم في عصره ( 2 )



ولم يكن تورعه مقتصرا على ذاته بل كانت سياسة عامة ، كان يطلب من رجال دولته وعماله أن يكونوا متورعين أشحة على أنفسهم أسخياء على المسلمين ، يعتقد أن الدرهم دم فلا يجوز أن يجري في غير عروقهم ، ولا يرى أن يضيع في الكماليات والشكليات .

طلب منه أحد عماله قراطيس يكتب عليها في مصالح ولايته فأجاب : ” إذا جاءك كتابي هذا فأرق القلم ، واجمع الخط ، واجمع الحوائج الكثيرة في الصحيفة الواحدة ، فإنه لا حاجة للمسلمين في فضل قول أضر ببيت مالهم ، والسلام عليكم ” .

وشكا إليه أحد العمال ما أصاب بيت المال من نقص وخسارة ، لسبب إسقاط الجزية عن الذين كانوا يسلمون – فإنه لا جزية على المسلمين – فأجاب :

” إن الله جل ثناؤه بعث محمدا صلى الله عليه وسلم داعيا إلى الإسلام ولم يبعثه جابيا ” .


قصص مؤثرة عن الصحابة والتابعين



أبو حنيفة والمقترض



كان أبو حنبفة ( الإمام الفاضل ) يجلس في ظل بيت صاحب له ، واقترض صاحب هذا البيت منه بعض المال ، وجاء اليوم التالي للقرض ، وجلس أبو حنيفة بعيدا عن ظل البيت ، فسأله صاحب البيت : لماذا تجلس بعيدا ؟

أجاب أبو حنيفة : خفت أن يكون ذلك لونا من الربا .

قال صاحب البيت : لكنك كنت تقعد قبل أن تقرضني ؟!

فقال أبو حنيفة : كنت أقعد وأنت المتفضل علي بظل بيتك ، فأخاف أن أقعد وأنا المتفضل عليك بالمال .

بنت الصحراء
11-02-2021, 08:17 PM
كل الشكر لكي على الإضافة الرائعة والجميلة
سلمت يداكي وذائقتك
دمتي بخير

سوار ديزاين
11-02-2021, 11:46 PM
https://up.s-oman.net/images/2020/02/25/0397de10e3a6fb0799952bf60c63397f.gif