الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
البداية الحقيقية للتعليم النظامي بالمملكة كانت في
عام1344 هـ (1925) عندما
أنشأت مديرية المعارف العامة حيث بدأ الزحف التعليمي الذي شمل مراحل
التعليم وأنواعه أيمانا من الملك عبد العزيز بأن التنمية بعد توحيد
البلاد لا تتم بدون التعليم. وفي
عام 1346 هـ تم إنشاء مجلس
المعارف والذي بالتعاون مع المديرية المذكورة وضع أول نظام تعليمي
للبلاد لتغيير شكل التعليم الذي كان يعتمد بشكل كبير على الكتاتيب
وبقايا غير مكتملة لمدارس الأتراك والهاشميين. وفي
عام 1345 هـ
تم افتتاح المعهد العلمي السعودي ومدرسة تحضير البعثات في
1355هـ
ودار التوحيد في 1364هـ
كما أصدرت المديرية عددا
من النظم التعليمية وفي
عام 1370هـ (1950) تأسست
الإدارة العامة للمعاهد العلمية. وقد بلغ عدد المدارس التي فتحت في عهد
الملك عبد العزيز312
مدرسة ابتدائية حكومية و14
مدرسة ابتدائية أهلية و11
مدرسة ثانوية حكومية و4 مدارس ثانوية أهلية ومدرسة مهنية واحدة وثمانية
معاهد لأعداد المعلمين وكلية للمعلمين وكلية للشريعة وست مدارس لتعليم
اللغة الإنجليزية ومدرسة مسائية واحدة لتعليم الآلة الكاتبة. ويلاحظ أن
السمة السائدة لهذه المرحلة هي الإنشاء والتأسيس لهوية جهاز التعليم
وتحديد معالم سياسته.
مرحلة النمو والانتشار
في عام 1373 هـ (1953)
تحولت مديرية المعارف إلى وزارة المعارف برئاسة خادم الحرمين الشريفين
الملك فهد بن عبد العزيز رحمه الله تعالى كأول وزير لها فقام بتشكيل
أول هيكل تنظيمي للوزارة وأنشأ إدارات وأقساما جديدة. وفي هذه المرحلة
بدأت حملة وضخمة للتوسع في فتح المدارس والمعاهد بمختلف فئاتها
وأنواعها كما ظلت ميزانية هذه الوزارة تتزايد وتتوسع حتى أضحت من أهم
وزارات الدولة شأنا وأكثرها إنجازا. وفي هذه المرحلة أيضا تم تأسيس
الرئاسة العامة لتعليم البنات
عام 1380 هـ(1960) ثم
تلتها وزارة التعليم العالي في
عام 1395هـ(1975) وأخيرا
المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني في
عام 1400 هـ (1980 م)
.
وهذه
المرحلة تميزت بالنمو الأفقي لكافة أنواع التعليم وعلى مساريه العام
والعالي ، كما تميزت بوجود أهداف محددة وضعتها خطط التنمية الوطنية
التي زامنت الجزء الثاني من هذه المرحلة .
مرحلة المراجعة والتطوير
بعد صدور النظام الأساسي للحكم في عام 1412هـ وتوجه الدولة إلى مراجعة
كافة أنشطة ومهام الجهات الحكومية، فقد صدرت التوجيهات إلى وزارات
الدولة ومنها الأجهزة المعنية بالتعليم لأحداث التغييرات اللازمة
للتمشي مع روح النظام المذكور. وقد كان لهذا التوجه أثرا إيجابيا على
المستوى الدقيق في المناهج والفلسفة العامة لتعليم الفرد، وعلى المستوى
العام في الأداء الوظيفي للمعلم والجهاز التربوي. وقد تزامن هذا بطبيعة
الحال مع التوجه الدولي للعولمة وثورة المعلومات والتي استدعت إعادة
النظر في أسلوب التعامل مع اكتساب الطالب للمعرفة وطريقة استفادته منها
ووسائل تمكينه من التمييز بين الملائم منها للقيم الإسلامية والعربية
وتلك التي لا تلائمها. وبناء على ذلك فقد تم إعادة النظر بشكل خاص في
التركيبة الهيكلية لوزارتي المعارف والتعليم العالي وتم إيجاد عدد من
الوظائف القيادية العليا بهما على مستوى وكلاء وزارة وذلك لمساعدة
الوزراء للقيام بمهامهم وأعباء وزاراتهم بعد التوسع والتخصيص الجديد
لمهام هاتين الوزارتين وخصوصا بعد صدور المراسيم المؤسسة لمجلس التعليم
العالي ولنظم التعليم العالي والتعليم العام. وقد تميزت هذه المرحلة
بتكوين أجهزة تطويرية متخصصة في تلك الوزارات تعنى بالتطوير والتقويم
المستمر. وقد كان نصيب الوزارتين من هذا التطوير الشيء الكثير، علاوة
على إنشاء وحدات متخصصة بهما للتطوير والمتابعة واعادة صياغة التعديلات
المطلوبة على السياسة التعليمية لكلا الوزارتين من خلال التنسيق مع
الجهات المعنية الأخرى عبر مجلس التعليم العالي ومجلس الوزراء. وقد
تميزت هذه المرحلة الحالية أيضا بوجود حاجة حقيقية لمراجعة سياسات
التعليم من منظور الضرورة الملحة لأعادة النظر في أداء أجهزة التعليم
الحالية للموائمة بين مخرجات نظام التعليم والتدريب بالمملكة ومتطلبات
التنمية لعمالة مدربة متخصصة في سوق العمل السعودي.
رؤية
مستقبلية : التعليم ومسئولية التغيير
نحن الآن في زمن يهدد فيه الكتاب بالانقراض وتسود فيه الأقراص المدمجة
والبطاقات الذكية قاعات المحاضرات ومعامل الحاسب الآلي. زمن فيه يصعب
تحديد واختيار المعلومة المطلوبة بسبب كثرتها وليس بسبب ندرتها، وهو
زمن يحدد فيه التفاضل بمدى إدراك الفرد لضخامة نظم المعلومات ومدى
قدرته على التعامل معها. ومما لا شك فيه أن العقبات التي واجهت التربية
والتعليم بصفته المسئول عن توجيه دفة التنمية زادت أضعاف ما كانت عليه
في مطلع القرن العشرين مما زاد العبء على القائمين على التربية
والتعليم، حيث أن تناول التغيير والتجديد في المفاهيم والقيم
والاتجاهات وبالتالي في سلوك الأفراد من أهم المرتكزات التعليمية،
الأمر الذي أصبح أكثر إلحاحاً على مراجعة وتقييم كافة عناصر ومدخلات
العملية التعليمية، لكي يكون بالإمكان تحقيق الانسجام بين ما تنشده
التربية من أهداف وبين ما يطمح إليه المجتمع من تقدم ورخاء وعليه فإن
تطويع برامج التربية والتعليم لتتلاءم مع ظروف المجتمع واحتياجاته وضبط
آلية العلاقة بينهما يساهم في خلق أجواء اجتماعية تستطيع تضييق الفجوة
بين ما تنشده التربية من أهداف التعليم واحتياجات التنمية بمؤشراتها
المادية والمعنوية يأتي في مقدمة الأسباب التي
ساهمت في انحسار دور المؤسسات التعليمية للاضطلاع بأدوار أكثر فاعلية
في توجيه دفة المجتمع نحو مزيد من التقدم والرخاء، حيث أصبح تمرير
مشروع التنمية الشاملة يتوقف على مخرجات العملية التعليمية،
فهي بمثابة الإنجاز النهائي
للحصيلة التعليمية، فلم تعد التنمية أرقاماً تحصي عدد الخريجين
والمتعلمين بل على مدى فاعلية تعليمهم في خدمة متطلبات التنمية ودعم
القيم والاتجاهات الإيجابية التي ترفع من مستوى التقدم الثقافي
والاجتماعي والاقتصادي، فرأس المال الحقيقي لأي تنمية يكمن في إعداد
الطاقات البشرية، وهو أمر مرهون بالبرامج التي تعد الأجيال على
أساسها.فلم تعد عمليات الترميم والحذف والإضافة في المناهج التعليمية
بديلاً عن عملية تطوير المناهج ومراجعة النظام بأهدافه ومدخلاته
ومخرجاته، إذ أن نوعية التغيير والتجديد المنشود تجاوز القرن العشرين
نفسه فإذا كانت الثورة الصناعية الأولى تعتمد على الفحم والبخار،
والثورة الصناعية الثانية تعتمد على النفط والطاقة النووية وفن الإدارة
الحديثة والشركات المساهمة فإن الثورة الصناعية الثالثة تعتمد على
العقل البشري متعدد المهارات والمواهب الذي يستطيع التعامل مع
الإلكترونيات الدقيقة وكيفية توليد المعلومات وتنظيمها. وعليه فإن
القدرة على تكوين وتنشئة العقول في المجتمع بعيداً عن إرهاصات التشكيك
في مقدرة العطاء ومواكبة القرن الجديد يعزز من فرص العوامل المختلفة
التي تحيط بالفرد من رفع كفاءة التنمية الشاملة التي يطمح إليها أي
مجتمع.
المراجع:
1.وزارة التعليم العالي، "التقرير الوطني الشامل عن التعليم العالي في
المملكة العربية السعودية"، 1420-1421هـ ، 1999-2000، ص 3.
2. المصدر السابق ، ص3.
11. حمد إبراهيم السلوم، التعليم العام في المملكة العربية السعودية،
مطابع انترناشنال كرافكس، واشنطن،1991م. ص9.
12. المصدر السابق، ص. 11.
13.وزارة المعارف،قسم الإحصاء بمركز المعلومات،التوثيق التربوي،
العددان 31-32، 1411-1412هـ.ص 16.
15. وزارة التخطيط، ،خطة التنمية السابعة، 1420، الرياض. الفصل الأول.
16. كوميز ، أزمة التعليم في عالمنا المعاصر ، ترجمة أحمد خيري كاظم
وجابر عبد الحميد جابر ، 1971م ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، ص 124
.
17. القرضاوي ، يوسف ، مشكلة الفقر وكيف عالجها الإسلام ، 1415هـ ،
مكتبة وهبة ، القاهرة . ص 17 – 18 .
19. الجلال ، عبد العزيز عبد الله ، التربية والتنمية ، 1416هـ ، الدار
التربوية للدراسات والاستشارات ، الرياض . ص 26.
20. حسن ، عبد الباسط محمد ، التنمية الاجتماعية ، 1402هـ ، ط 4 ،
مكتبة وهبة القاهرة . ص 344